2025م
Adsense
مقالات صحفية

أهل غزة لا تقاطعوا بالهناء والعافية

   هلال بن عبدالله الفجري

يعيش أهل غزة تحت حصار خانق وظروف معيشية واقتصادية قاسية منذ سنوات؛ مما يجعل خياراتهم اليومية محدودة للغاية، سواء في ما يخص الغذاء، أو الدواء، أو حتى المواد الأساسية. في مثل هذه الظروف، يصبح من الضروري أن نتعامل مع واقعهم بروح من التعاطف والتفهم، مع التركيز على تقديم الدعم والمساندة بدلاً من فرض ضغوط إضافية عليهم.

أهل غزة يواجهون تحديات يومية للبقاء على قيد الحياة بسبب الحصار الممتد، ونقص الموارد الأساسية، وانعدام البدائل المتاحة. هذه الظروف تجعلهم مضطرين في كثير من الأحيان إلى استخدام ما هو متاح، حتى وإن كانت تلك المنتجات ترتبط بجهات أو دول يُفضل مقاطعتها لأسباب سياسية أو أخلاقية. في مثل هذه الحالات، لا يمكن لومهم على خيارات فرضتها الضرورة.

عندما يواجه الإنسان معركة البقاء؛ تصبح الأولويات مختلفة. إن تلبية الحاجات الأساسية للحياة، من غذاء ودواء، تأخذ الأسبقية على المواقف المبدئية؛ وهذا ما يجعل من الضروري أن نتفهم أن أهل غزة لا يملكون رفاهية الاختيار كما قد يكون متاحًا للآخرين. الحفاظ على حياتهم وحياة أطفالهم هو الهدف الأسمى، وهم يستحقون كل الدعم والمساندة لتحقيق ذلك.

من هذا المنطلق، يمكن الإشارة إلى حكم الشريعة الإسلامية في الظروف المماثلة، حيث إن الإسلام يُحرّم شرب الخمر بنص قرآني واضح: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”. ومع ذلك، يُجيز الإسلام شرب الخمر في حالة الضرورة القصوى، كأن يكون الإنسان مهددًا بفقدان حياته وليس لديه خيار آخر لإنقاذ نفسه. هذه القاعدة الفقهية تعكس رحمة الإسلام وواقعيته في التعامل مع الأوضاع الاستثنائية.

بدلاً من مطالبة أهل غزة بالمقاطعة، والتي قد تكون مستحيلة في ظل غياب البدائل، يمكننا أن نوصل رسالة دعم وتعاطف، مضمونها؛ “عليكم بالعافية، نحن نتفهم واقعكم ونقف إلى جانبكم.نحن لدينا الخيارات والبدائل وسنتحمل مسؤولية المقاطعة نيابة عنكم.”

هذه الرسالة تعزز من الشعور بالتضامن، وتظهر احترامنا لمعاناتهم اليومية. كما تعكس فهمنا الحقيقي لأوضاعهم، بعيدًا عن أي محاولات لجلد الذات أو تحميلهم مسؤولية أكبر من طاقتهم.

تُعلمنا المبادئ الدينية والأخلاقية أهمية مراعاة الظروف المحيطة بالأفراد. يقول الله تعالى: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”. هذا يعني أن الأشخاص الذين يعيشون في ظروف قاهرة، مثل أهل غزة، لا يمكن مطالبتهم بما يفوق قدرتهم. وبدلاً من ذلك، يجب أن نركز على تقديم الدعم وتخفيف الأعباء عنهم. وفي الوقت نفسه، يمكن الرجوع إلى القاعدة الفقهية التي تبيح المحظورات في حالات الضرورة القصوى، لتأكيد أن الإسلام يراعي احتياجات الإنسان في الظروف الاستثنائية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights