قانون العمل الجديد يضفي بعدا اجتماعياً آخر عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة
د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المشارك
قسم الحقوق – كلية الزهراء للبنات – مسقط
salim-s@zcw.edu.om
تنص المادة (61) من قانون العمل الجديد بأنه “مع عدم الإخلال بحكم المادة (48) من هذا القانون، يجب على صاحب العمل عند انتهاء علاقة عمل العمال غير المنتفعين بأحكام قانون الحماية الاجتماعية أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته، لا تقل عن أجر أساسي عن كل عام من أعوام خدمته، ويستحق العامل المكافأة عن كسور العام بنسبة المدة التي قضاها في الخدمة، ويتخذ الأجر الأساسي الأخير للعامل أساسا لحساب المكافأة.
وتحسب مدة الخدمة التي بدأت قبل سريان هذا القانون ضمن مدة الخدمة المعتبرة في تحديد مدة المكافأة المستحقة…” من خلال النص يبين لنا الآتي:
يظهر المشرع العُماني في قانون العمل الجديد فيما يتعلق بمكافأة نهاية خدمة العامل – غير المنتفع بأحكام قانون الحماية الإجتماعية– فلسفة حمائية حديثة تضفي بعداً إجتماعياً حمائياً آخر لهؤلاء العاملين من جانب، وبما يحقق توازناً ملحوظاً بين هؤلاء العاملين وأصحاب العمل في قالب قانوني ينسجم والهدف من استحقاق العامل مكافأة نهاية خدمته، فهي سبيل في إبقاء هذا العامل عظيماً، قادرًا على الوفاء بإلتزاماته إلى أن يجد عملاً آخر، يلبي احتياجاته، ولنا في ذلك آيات عديدة:
1: يفترق قانون العمل الجديد عن سابقه، في أنه يلزم صاحب العمل عند إنتهاء خدمة العامل غير المنتفع بأحكام قانون الحماية الاجتماعية أن يؤدي له مكافأة عن خدمته – لا تقل عن أجر أساسي، عن كل عام من أعوام خدمته، وهو نهج يغاير ما كان مقرراً في قانون العمل القديم، حيث أن هذا الأخير يوجب على صاحب العمل متى انتهت علاقة العمل أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته تعادل أجر (15) خمسة عشر يوماً عن كل سنة من السنوات الثلاث الأولى وأجر (1) شهر عن كل سنة من السنوات التالية. هذا من جانب.
ومن جانب آخر، يظهر المشرع في القانون الجديد فلسفة تطبيقية تجسد ما يعرف “بالشرط الأفضل للعامل المقرر في المادة (9) من القانون ذاته، عندما اشترط في المادة (61) من القانون أن يؤدي صاحب العمل للعامل مكافأة لا تقل عن أجر أساسي عن كل عام من أعوام خدمته، أي أنه يجيز الاتفاق بين صاحب العمل والعامل أن تكون المكافأة أكثر من مقدار أجر أساسي عن كل عام باعتباره فائدة للعامل، وهو مسلك لم يكن منصوص عليه في قانون العمل القديم، ويحمد المشرع على تبنيه ذلك.
ومن جانب ثالث، يظهر المشرع رغبته في حماية العامل ومقابلة جهده بعائد مالي مهما كانت مدة عمله لدى صاحب العمل، تفسير ذلك، أنه سلك مسلكاً مغايراً تماماً ما كان منصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة (39) من قانون العمل القديم “ولا تستحق تلك المكافأة إذا قلت مدة الخدمة عن سنة واحدة”، فالنص الجديد لم يشترط مدة السنة – معياراً – لاستحقاق المكافأة، بل على العكس من ذلك، يؤكد استحقاق العامل لها مهما كانت مدة الخدمة بقوله في الفقرة (1) من المادة (61) “… ويستحق العامل عن كسور العام بنسبة المدة التي قضاها في الخدمة …”.
2: يذهب المشرع في قانون العمل الجديد – إلى بعد حمائي آخر للعامل عندما نص في الفقرة (2) من المادة (61) بقوله “.. وتحسب مدة الخدمة التي بدأت قبل سريان هذا القانون ضمن مدة الخدمة المعتبرة في تحديد مدة المكافأة المستحقة”. وهو بهذا النص يقرر مركزاً قانونياً جديداً للعامل عند إحتساب مكافأة نهاية خدمته؛ بحيث يتم إحتسابها في مفهوم القانون الجديد وتحديداً بموجب المادة (61) منه، حتى ولو كانت خدمته لدى صاحب العمل بعضها وقع في ظل القانون القديم، وبعضها الآخر وقع في القانون الجديد، ويحمد المشرع على موقفه هذا، باعتباره مسلكاً يوافق المادة (92) من النظام الأساسي للدولة، والتي تنص بأنه “لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ إلا إذا نص فيها على خلاف ذلك…”.
وحيث أن قانون العمل الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (53) لسنة 2023م، تم إصداره في 25 يوليو 2023، ونصت المادة (5) من المرسوم، بنشره في الجريدة الرسمية والعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره. وحيث تم نشره في الجريدة الرسمية في 30/يوليو2023م، بالعدد (1504)، فيكون القانون نافذاً من اليوم التالي لتاريخ نشره أي في 31/يوليو 2023م؛ وبالتالي يكون جميع العاملين – غير المنتفعين بأحكام قانون الحماية الاجتماعية مستحقين مكافأة نهاية خدمتهم محسوباً بأجر أساسي واحد عن كل عام من أعوام خدمتهم، طالما انتهت خدماتهم في أو بعد 31/يوليو 2023م. وهو تاريخ نفاذ القانون.
في مقابل ذلك النهج السليم للمشرع في قانون العمل الجديد، يؤخذ عليه أنه كان غير موفقاً – إلى حد ما – عندما نص في المادة (40) من القانون وفي حالات (9) تسع، حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة، على اعتبار أن عقوبة الحرمان تتجاوز العامل إلى أسرته ومن يعولهم من جانب، كما أن استحقاقه للمكافأة هي نتاج سنوات سابقة على الفصل. وعليه نوصي المشرع أن يعدل عن موقفه هذا، ويعيد النظر في ذلك، بحيث يكتفي منح صاحب العمل جوازية فصل العامل في تلك الظروف دون سبق إخطاره مع بقاء مكافأة نهاية خدمته.
بقيت – في هذا الشأن – نقطة نراها من وجهة نظرنا من المهم الوقوف عليها، تتعلق بالمنشور الصادر من وزارة العمل، في كيفية احتساب مكافأة نهاية الخدمة للعاملين غير المنتفعين بأحكام قانون الحماية الاجتماعية متى نشأت هذه المكافأة في ظل القانون القديم واستمرت في ظل القانون الجديد سيكون استحقاق العامل مكافأة نهاية الخدمة بأجر (15) خمسة عشر يوماً عن كل سنة من السنوات الثلاث الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية. ومع تقديرنا فيما اجتهدت وذهبت إليه وزارة العمل في هذه الجزئية – نعده من وجهة نظرنا مسلك غير سليم – ومخالفة صريحة لنص المادة (61) من قانون العمل، والمادة (92) من النظام الأساسي للدولة، على اعتبار أن قانون العمل الجديد يسري على جميع الوقائع التي تكونت واكتملت عند صدوره ونفاذه.