عبدالله بن فيصل الصعب
تتعرض الغابات في العالم بشكل عام إلى العديد من الحرائق، والتي تتفاوت في حجمها ومسبباتها؛ مثل الحرائق التي حدثت في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام 2023، وما حدث في نهاية العام 2024 في ولاية لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تزال الأعمال مستمرة في مكافحة الحرائق والتعامل مع تبعاتها من أعمال إخلاء وإجلاء، وما خلفته من خسائر اقتصادية واجتماعية وصحية ونفسية للمتضررين.
ومن خلال القراءات في هذه المخاطر؛ فإن من أهم المسببات التي تساهم في حدوث حرائق الغابات هو التغير المناخي وما قد تخلفه الحرارة المرتفعة أو سرعة وتغير حركة الرياح والأمطار وحدوث الصواعق وغيرها، كما أن من المسببات ما قد يحصل في بعض الحشائش عند توافر عوامل طبيعية كيميائية معينة تساعد على إطلاق حرارة قد تسهم في حدوث الحريق بها، ووجود العديد من الأشجار الجافة أو الحطب المهمل والتي تعتبر مصدر حريق جاهز، كما أن هناك مسببات طبيعية أخرى؛ مثل حدوث البراكين وحركة الحمم البركانية، ومن من المسببات الهامة أيضاً؛ هو التصرفات الخاطئة من البشر، مثل رمي السجائر أو عدم إطفاء النار بعد إشعالها لغرض الشواء أو التدفئة، أو من خلال استعمال الألعاب النارية التي قد تولد شرارة لبدء الحريق، واستخدام أنواع معينة من أسلحة الصيد قد تساهم في حدوث وبدء الحرائق في الغابات، كما أنه قد تنشأ الحرائق جراء مرور خطوط الكهرباء؛ فمن خلالها حدوث التماسات قد تولد الشرارة التي تتسبب في حدوث الحرائق.
وقد تسهم الطبيعة الجغرافية للغابات في تفاقم حوادث حرائق الغابات؛ وذلك من خلال صعوبة الوصول إلى تلك المواقع بسبب وجودها على قمم الجبال أو حوافها أو في الأودية أو المناطق غير المأهولة من الغابات، والتي يصعب شق الطرق بها والوصول لها، خاصة أثناء الحريق، وقد يتفاقم الوضع أيضاً عندما تتزامن حرائق الغابات مع وجود حركة وسرعة قوية للرياح؛ مما يساهم في نشر الحريق في مواقع أكثر من تلك المواقع التي يصعب الوصول لها.
ولعل من المهم جداً دراسة هذا النوع من المخاطر وتحليله وتقييمه بالشكل الذي يضمن وجود حلول مناسبة لمنع حدوث هذا الخطر أو الحد منه أو التقليل من آثاره؛ وذلك من خلال إيجاد المشاريع المناسبة في البنى التحتية في الغابات، وتطبيق أنظمة السلامة والحماية من الحريق من خلال وضع ضوابط وارشادات ومتابعة ومراقبة لها بشكل آني، مع أهمية إيجاد فرق إطفاء متخصصة وذات تدريب عالي للتعامل مع حوادث الحرائق في الغابات مع استخدام أفضل التقنيات والآليات الحديثة للاستجابة لمثل هذه الحرائق، وإعداد خطط الطوارئ المناسبة لتفعيلها أثناء حدوث مثل تلك الحوادث، تتضمن مهام كافة الجهات والموارد اللازمة لمواجهتها والاستجابة لها والتغلب عليها، كما أنه لا بد من الأخذ في الإعتبار تبعات تلك الحوادث، مثل أعمال الإخلاء والايواء وإغاثة المتضررين، ومن أهم أعمال الوقاية من مثل تلك الحوادث هو إيجاد نظام للإنذار المبكر والذي يستخدم أفضل التقنيات الحديثة في مراقبة الغابات والمتغيرات التي قد تحدث والتعامل معها بشكل عاجل وسريع يضمن وقف انتشار الحرائق من بؤر حدوثها.
وأخيراً فإن دراسة المخاطر بشكل عام وتوقعها وتقييمها والاستعداد لها مطلب أساسي؛ ليتم على ضوئها التخطيط الجيد لمواجهتها والحد أو التخفيف من آثارها للوصول إلى الهدف المنشود لمعظم الدول؛ وهو حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة والبنى التحتية ومقدرات الدولة.
