كلمات من نافذة الحجرات ..
مريم الشكيلية
لم أكن أتصور أنني سوف أسير في شارع الورق الأبيض مع تدفق نوافير محبرة قلمي؛ ففي بدايات ديسمبر الباردة، وفي تمام الساعة الثانية عشر مع إنقلاب يوم جديد، وبعد فوضى حواس اليوم السابق؛ لم أكن أتصور أن أكتب لك بغزارة ثمان وعشرين حرفاً! سطراً يعيدني إلى منصة الأبجدية بكل هذا الإندفاع المشحون؛ وكأن الكلمات سعت إلى استفزاز مخيلتي حين وشت بي إليك…
لم أتصور أن تتطاير هذه الأبجدية في عتمة ليل وبرد إلى مقعدك الرمادي وترتد حيث أنا في مقعدي الخشبي، كأنها انعكاس ضوء وحبر…
كيف وصلتك أحرفي بهذه السرعة كأنها البرق الخاطف؟! وكيف تصنع أحرفك وتخرجها من قبو قلمك وتدعها تنصهر على رصيف سطر الورق وترسلها إليّ تحت عباءة هذا الليل الساكن منتظراً وهج الشروق البرتقالي…؟!
إنني أتساءل كيف لكلمات صماء أن تحدث كل هذا الضجيج في دواليب النفس، وأن تقلب هذا الهدوء الطويل إلى صدى يصم الأقلام؟! قلت لي مرة إنني إمرأة تجالس عين العاصفة حين تعزف بشرارة نغم على موسيقى الكلمات…
هل تتخيل مفعول اللغة وما تحدثه من تأثير وتغير في الخلايا العصبية والقلبية والكتابية للإنسان…؟! معك حق عندما قلت إنني إمرأة تشبة العاصفة حين أخرج الأحرف من حداد الصمت؛ فإنني بحاجة إلى أن أخترع الكلمات عبر سطر تنبت فيه حقل من زهر دوار الشمس لتعيدني إلى نبض الحياة الكتابية.