الصحافة الورقية صراع من أجل البقاء
حمدان بن سعيد العلوي
الصحافة هي مصدر للمعلومات ووسيلة إعلامية قديمة جدا تطورت عبر مراحل عدة ودخلت في منافسات شديدة وصراعات مع الوسائل الأخرى التي أتت من بعدها إلا أنها تجدد من نفسها وظلت تقاوم على مدى السنوات الطويلة ، فهل ينتهي عصر الورق في الصحافة ، ويتم استبدالها بالصحافة الإلكترونية ؟ على ما يبدو أصبح الأمر وشيكا لتقليص بعض الصحف من إصداراتها وحجم وعدد أوراقها ، والبعض على مستوى دول العالم تحول إلكترونيا ، فهل تطغى الصحافة الإلكترونية على الورقية ، وهل يتقبل ذلك القراء ؟ وأخص بذلك الجيل الذي تعود على التصفح والبحث بين الصفحات ، ليتعرف على آخر الأخبار واستقاء المعلومات سواء كانت في المجال الثقافي أو السياسي أو حتى الجوانب الفنية ، الجيل القادم في اعتقادي الشخصي سينظر للصحافة الورقية على إنها عبء وتكاليف زائدة وعليه التغيير والتوجه نحو الصحافة الإلكترونية نظرا لسهولة الحصول على الصحف المختلفة والمتنوعة محليا ودوليا ، فبالبحث تستطيع الحصول على أي صحيفة سواء كانت عربية أو أجنبية ، وبالفعل نحن نشاهد ذلك يحدث الآن ولكن لا زالت هناك مقاومة من الصحف الورقية ، واذا ما تطرقنا إلى منافسة الصحف الأزلية مع وسائل الإعلام المختلفة نجد أن الوضع مختلف تماما فالصحف كانت ولا زالت في صراع مع الإذاعة والتلفاز ، وربما يتقبل القائمون على الصحف من محررين وكتاب وملاك ، لسهولة النشر والتوزيع وانخفاض التكلفة ، فما عادت الصحف الورقية تجدي نفعا من حيث إنتشار العديد من المواقع الإلكترونية الناقلة للأخبار ، ومردودها أصبح لا يغطي تكاليفها ، وسوق الإعلان بدأ ينخفض في اعتقادي وتحليلي الشخصي ، والسبب أن المؤسسات التجارية بدأت بالتوجه نحو التسويق الإلكتروني ووسائل الاتصال الحديثة لسهولة النشر وتحديد المستهلكين وسرعة الانتشار، فما عادت الصحافة الورقية قادرة على التحدي ، وأعتقد أنها ستظل بمفهومها ولن تتغير قواعدها فالخبر هو الخبر لم ولن يتغير ولن تتغير خصائصه ومفهومه والمقال كما هو والتحقيق الصحفي سيظل كما كان فلن يتغير من شكل وقوالب الصحافة إلا الورق إنما قد يتغير في منظور القارئ شيء واحد وهو تفضيل الورق عند البعض لكونه الأكثر أريحية للقراءة بدون إشعاعات وأضواء تضر بالعيون ، إما من يطلب التوثيق فالصحف هي أكثر الوسائل توثيقا ، فهل ستتمكن الصحف الإلكترونية من توثيق صفحاتها ؟ هنا أعتقد أن الأرشفة ستكون موجودة ولكنها غير ملموسة ، فالبعض يمتلك صحف قديمة تعود إلى حقب تاريخية قام بتأطيرها وتعليقها على الجدران في المتاحف والمعارض وتهتم بها الدول حيث قامت على ذلك دراسات وبحوث ويكفي أن لها مؤسسات تهتم بها وعلى سبيل المثال الهيئة الوطنية للوثائق والمحفوظات ، ومن هنا في اعتقادي الشخصي أن الصحف الورقية ستبقى قيمة لذات الأمر .
بعد ظهور شبكة الاتصال ( الإنترنيت ) بدأت مرحلة تكنلوجية جديدة وتحقق الهدف من خلال توصيل الرسالة إلى الجمهور ومن خلالها يستطيع أي شخص من الحصول على المعلومات بأقل مجهود وأن يتم تبادل الأدوار بين المرسل والمستقبل وهذا لا يتوفر في أي وسيلة أخرى إنما استفادت وسائل الاتصال الجماهيري من هذه التقنية فتحولت بعضها إلى العصر الرقمي حيث تستطيع متابعة البرامج التلفزيونية والإذاعية وقراءة الصحف ، الأمر الذي جعل الجميع يتساءل عن مدى تأثير ذلك على الوسائل الأخرى ، ما دفع العديد من هذه الوسائل التوجه نحو الاستفادة منها ، أما بالنسبة للصحافة الورقية ستكون أكثر المتأثرين ، إلا إذا قامت بإعادة النظر وتركت مجالا للنسخة الورقية لمتابعة التفاصيل واكتفت بمقدمة الخبر التي يجب ان تصاغ بدقة للإثارة و التشويق ودفع القارئ نحو الحصول على النسخة الورقية من أجل متابعة القراءة ، ولكن ماذا عن الصحف التي ليس لها نسخ ورقية ؟
فهل ستقبل ذلك أم أنها ستكون منافسا قويا هي الأخرى لكي تتمكن من وضع قراءها في قلب الحدث بكامل تفاصيله ، وهنا ستشتد المنافسة وسيستمر الصراع وسيبقى المستقبل مجهولا ولك عزيزي القارئ تخيل الأمر وإبداء رأيك بما تتوقع ان يحدث علما أن وسائل الإعلام في صراع مستمر وسيستمر بظهور وسائل أخرى حديثة في المستقبل ربما نجهلها الآن ولكن ما تشهده الطفرة الإلكترونية يبشر بأن القادم سيكون مختلفا .