فرحة الفوز لا تنسينا رقي التعامل مع الآخرين
خليفة بن سليمان المياحي
لقد تابعنا حجم الفرحة العارمة التي عبّر بها أبناء وطننا الغالي (سلطنة عُمان) كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً، بمناسبة تأهل المنتخب العُماني لكرة القدم وفوزه على المنتخب السعودي الشقيق على أرض الكويت الشقيقة.
وقبل ذلك، وصلتنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع كثيرة من بقية المنتخبات المشاركة تباينت آراؤهم؛ فمنهم من يتوقع ويتمنى الفوز لنا، ومنهم من يقلل من مستوى أداء منتخبنا، ومنهم من تحدث بأسلوب ساخر. كثير من مثل تلك الأصوات التي تحبط ولا تشجع المنتخب، وكأن لاعبينا هم الأضعف من بين كل المنتخبات الكروية المتنافسة وأقلهم أداءً.
ومع أنني لست من هواة كرة القدم، إلا أنني أعشق بلدي وأحبها حتى النخاع، وأغار عليها ولا أقبل بأي حال من الأحوال الإساءة لها أو لمن له علاقة بها، ولا أقبل التهكم أو السخرية عليها أو وصفها بأي نوع من الصفات التي تقلل من شأنها.
لكنني في نفس الوقت أدعو الجميع من أبناء الوطن أن يتحلوا بالصبر والحكمة والحلم وعدم التسرع في الرد، وألا تنسينا فرحتنا بالفوز مبادئنا الجميلة وأخلاقنا السمحة؛ فنحن قوم مدحنا من هو أكثر الناس خلقًا وأنبلهم صفات؛ إنه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. حينما جاء إليه أحد أصحابه شاكياً من قوم وفد إليهم فأهانوه وأذلوه وأبخسوا قدره، قال له الرسول الكريم: “أما لو أنك أتيت أهل عمان، ما سبوك وما ضربوك”.
من هذا المبدأ، أرجو أن نقابل السيئة بالحسنة وأن نتعامل مع الآخرين بأسلوب مرن وسهل، وألا نرد السخرية بمثلها ولا الكلام الساقط بمثله؛ وإلا فإننا سنكون على سواء بهم، ويتوجب علينا أن نصمت ونتأنى، ونجعل الطرف الآخر يندم لاحقًا على ما قال؛ لأنه لم يجد إلا رد الفعل الإيجابي.
ولا يعني ذلك ضعفًا منا، حاشا لله؛ بل هي أخلاق الإسلام ومبادئ الرجال العظام. وعندما يمر علينا مقطع فيه ما يسيء لنا ولبلدنا أو يستفز حفيظتنا؛ فالأفضل ألا نتناقل ذلك المقطع أو تلك التغريدة؛ فإن تناقلناها بلا شك قد تكون سببًا للضغينة والحقد. وإذا علمنا أن الطرف الآخر أخطأ في حقنا؛ فالأولى أن يكون الرد بالفوز الذي تحقق على الميدان، لا أن نتراشق بالكلمات التي تعكس تعامل الشخص. أما الفوز الذي يحرزه الأبطال في الميدان، فلا شك أنه يعد الرد الحقيقي للساخرين.
ولنصغِ إلى نصيحة الشاعر محمد بن إدريس الشافعي، حين قال:
إذا نطق السفيه فلا تجبه
فإن خيرًا من إجابته السكوت
دمتم ودامت عُمان متألقة، ودام شبابها سفراء يمثلون بلادهم ويصعدون بها إلى هامات العزة والمجد والفخار.