أنا عماني وحبي البحرين
هلال بن عبدالله الفجري
كنتُ أستمعُ من شِيابنا العُمانيينَ عند جلوسهم في المجالس أو على شاطئ البحر عن سفرهم إلى البحرين وعملهم هناك، قليلٌ جدًّا من يقول لم يذهب إلى البحرين في الستينات وقبل منتصف السبعينات للعمل هناك، ومدحهم للبحرينيين وأخلاقهم واندماجهم مع بعضهم، صار هذا الترابط بين الشعب العُماني والشعب البحريني يعكس تاريخًا طويلًا من التعاون، والتواصل، والمصاهرة.
منذ قرونٍ، سافرَ الشعب العُماني إلى الكثير من الدول والقارات للتجارة، وبعضهم للعمل، ومن هذه السفرات كان سفرهم إلى البحرين في ذلك الوقت بسبب انتعاش مملكة البحرين اقتصاديًّا وبحثهم عن فرص عمل ومعيشة أفضل، وكان ذلك جزءًا من حركة تنقلات الشعب العُماني بحثًا عن الاستقرار الاقتصادي والعيش الكريم، بسبب الركود الاقتصادي الذي حدث لعمان في ذلك الوقت، ومع مرور الوقت، بدأ الشعبان في بناء روابط تتعدى العمل والتجارة لتصل إلى الروابط العائلية، وظهر الانسجام بين الشعبين حتى أصبح لكل منهما تأثيرٌ عميقٌ على الآخر في جوانب مختلفة من الحياة، بدءًا من العادات والتقاليد وصولًا إلى العائلة والنسب.
حيث أصبح من الشائع أن تجد أفرادًا من شعب البحرين أو من الشعب العُماني يفتخرون بأن لديهم أصولًا من بينهم، وأن لهم أقارب وأحباء يعيشون في عمان أو البحرين، هذه الروابط لم تكن مقتصرة على المصالح الاقتصادية فقط، بل كانت مبنية أيضًا على القيم المشتركة، بما في ذلك قيم الصداقة والمودة والدعم المتبادل، بالإضافة إلى القيم الدينية التي تجمع بينهما.
كما أن هذا الترابط الأسري، وليس الديني فقط، ساهم في خلق مشاعر قوية من المحبة والاحترام المتبادل بين الشعبين، وظهرت أجيال جديدة تتحدث بفخر عن انتماءاتها المشتركة، فنجد في الوقت الحالي، أن هناك أناسًا من سلطنة عمان يعيشون بسلام في مملكة البحرين، والعكس صحيح، حيث يوجد أفراد من الشعبين يعيشون ويمارسون حياتهم بتقدير واحترام في الدولتين وكأنهم مواطنون من أهل البلد، وكما يُقال لن تعرف بينهم إلا باللهجة المحلية المختلفة بينهما.
كان لي الفخر والاعتزاز أنني زرت قلوب البحرينيين قبل أن أزور مملكتهم الأكثر من رائعة، وما لقيته من حفاوة الترحيب والاستقبال منذ دخولي من حدود البحرين، وأنا أسمع: “هلا بالعمانيين، هلا بإخوانا” في المحافل أو في أي مكان، “هلا بالعمانيين”. فوالله، تشعر براحة نفسية وفخر في نفس الوقت عندما يستوقفونك: “أنت من وين؟” فأجيب: “من عمان”. فيردون: “أنا أصل جدي عماني” أو “أنا بحريني من أبٍ وجَد، وأيضًا لي أهل في عمان خوالي أو عمومتي أو أخواتي أو إخواني”. الله ما أجمله من شعورٍ جميلٍ ينتابك.
فإن هذه العلاقة الفريدة التي تجمع الشعبين تعتبر نموذجًا رائعًا للوحدة بين الشعوب، والتعايش السلمي، وبناء مجتمع متكامل يقوم على أسس التعاون والمحبة، ما يعزز الاستقرار والتماسك في المنطقة بشكل عام، شكرًا شعب البحرين، شكرًا أيها الشعب العُماني الذين زرعوا هذا الحب والاحترام والتقدير في قلوب البحرينيين للعمانيين.