رحلة إلى شط العرب : بين أماني الطفولة ولحظات الحاضر
ناصر بن خميس السويدي
“شط العرب، شعور غريب انتابني وأنا أقف على جسر يعلو شط العرب. منذ صغري، كنت أسمع عن شط العرب وقد ذكره الشعراء والفنانون في قصائدهم. تمنيت أن أزوره وأتجول على جوانبه، لم أكن أعلم أنني يومًا ما سأقف عليه وأتأمل ماءه. ساقتني الصدفة إليه كما لو كان صوت قلبي قد وصل الآن بعد سنوات من التمني. شعرت بشعور غريب وتذكرت كل ما سمعته عن شط العرب وكيف كان الشعراء يتغنون به. كنا ونحن صغار نحفظ هذه القصائد عن ظهر قلب ونترتم بها في تأمل للمشاهد التي ترويها القصيدة وكأننا في المكان نفسه. كيف وصلت إلى هذا المكان دون أن أخطط له أو أطلب أن أكون في المكان نفسه؟ كنت قديمًا أقرأ كتابًا قيمًا اسمه ‘The Secret’ الذي يتحدث عن أن الأماني، ومجرد التفكير في الشيء الذي تريده، تبعث رسالة تتلقفها السماء ويسخِّرها الله لك، ولو بعد حين شريطة أن تكون نابعة بكل صدق من قلبك. هذا بالضبط ما حدث لي، فكنت أتمنى أن أزور هذا الشط وكنت أتخيل كيف سأقف على ضفافه وأتمشى على رجلي بمحاذاته. سبحان الله، تحقق هذا التمني بعد عمر طويل بدون أن أشعر.”
“نعم، هي الأماني المخفية في قلوبنا التي تمنيناها يوماً ما وحققها الله لنا في الوقت المناسب. الحياة تحمل في طياتها لحظات فريدة من نوعها، وكأنها ترقص مع رغباتنا الأكثر عمقًا.
وهكذا وقفتُ هنا، على هذا الجسر المشمس، يرتفع فوق مياه شط العرب، وقد أدركت أن الحياة تحمل في طياتها عجائب لا تُصدق. كانت الصدفة قوية، وكأنها يدٌ غير مرئية أوصلتني إلى هذا المكان الذي كنت أحلم به.
تذكرت في تلك اللحظة كلمات الشعر التي نسجها الشعراء حول شط العرب، وكيف تمنيت يومًا أن أعيشها بكل واقعية. الآن، وأنا أغوص في جمال المكان، يتجدَّد حبي للحياة ويستمر الشعور بالغرابة والسحر.
إنها تذكير بأن أمانينا الصادقة قد تصبح حقيقة، وأن الرحلة تمنحنا مفاجآت لا حدود لها. سأظل أستمتع بلحظاتي هنا، ممتنًا لكل ما حققته لي الأقدار.”
“وسط هذا الجمال، أدرك أن الحياة تحمل في طياتها قصصًا لم نكن نتوقعها. ربما كانت تلك الأماني المستترة في أعماق قلوبنا تسعى للتحقق في لحظات لا نتوقعها، والتي تأتي كهدايا غير متوقعة.
أمامي الآن، شط العرب يتألق بألوانه المتنوعة، والشمس تلعب على سطح الماء كأنها تروي قصة عريقة. أشعر بالامتنان والسعادة، فقد أتت اللحظة التي كنت أحلم بها، حيث يلتقي حاضرونا بماضينا الذي كنا نراهن على تحقيقه.
إنها تذكير بأن هناك قوة خفية في تحقيق الأماني وتحقيق الأحلام، رغم كل التحديات التي قد نواجهها في الطريق. لذا، أستمتع بهذه اللحظة، وأعيشها بكل وعي، فقد تكون هذه هي اللحظة التي تعيش فيها أحلامي وأماني قلبي.”
“مع كل خطوة أخذها على ضفاف شط العرب، يتجدد في قلبي إحساس بالتقدير لجمال الطبيعة وقيمة اللحظة. هنا، في هذا المكان الذي اجتمعت فيه الأماني والواقع، يبدو كل شيء ممكنًا.
أشعر بروح الإلهام تملأني، وأدرك أن كل حلم يستحق التمني به، حتى لو كان صغيرًا. الحياة تعلمنا أن نبني جسورنا نحو أمانينا، وأن نبحر في مياه الأمل بثقة وإيمان.
فلنستمر في رحلتنا، نحو المستقبل الذي قد يحمل لنا المزيد من المفاجآت والتحقق من الأحلام. إنها لحظة تعلمت فيها أن السر ليس فقط في التفكير بالإيجاب، ولكن أيضًا في الاستعداد لاستقبال ما قد يأتي.
شط العرب أصبح ليس فقط مكانًا جغرافيًا، بل أصبح جزءًا من روحي وذاكرتي. وسأستمر في حمل ذكريات هذا اليوم الجميل ككنز لا يفنى، مستعدًا للمزيد من مغامرات الحياة.”
“وكما يمضي الوقت، سأحمل معي هذه اللحظات إلى الأمام، متفائلًا بما قد يجلبه لي المستقبل. قد تكون الأماني والأحلام قوية، ولكن يكمن الجمال في قوة إيماننا بها.
في ظل هذا المكان الساحر، أدرك أهمية الحاضر والاستمتاع بكل تفاصيله. يتجسد الفن في كيفية نقل هذه اللحظات البسيطة إلى لحظات لا تنسى، وهكذا سأستمر في تحويل كل تجربة إلى فن يحكي قصة الحياة بألوانها المتنوعة.
شط العرب لن يكون مكانًا فقط بل حكاية ترويها ذاكرتي، وبهذه الطريقة سأظل ممتنًا للحظات الصدفة وقدرة الحياة على إسعادنا بمفاجآتها الرائعة.
إنها ليست نهاية، بل بداية لفصل جديد من رحلتي، محملاً بالأمل والتفاؤل، متطلعًا إلى المزيد من مغامرات الحياة والأماني التي تنتظر لتتحقق.”