البرامج التدريبية والإختبارات المصاحبة لها، في مفهوم قانون المحاماة والاستشارات القانونية الجديد
د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المشارك
قسم الحقوق – كلية الزهراء للبنات – مسقط
salim-s@zcw.edu.om
يظهر المشرع العماني في قانون المحاماة والاستشارات القانونية الجديد، فلسفة حديثة، تهدف إلى خلق جيل جديد من المحامين، قادرين على تعزيز مهنة المحاماة، وإمتلاكهم العديد من المفردات والمهارات المهنية؛ وذلك بالتحاقهم في برامج تدريبية، ودورات متنوعة في مختلف القوانين، عملاً بنص المادة (25) من القانون التي يجري نصها على أنه “يجب على المحامي المتدرب اجتياز البرنامج التدريبي والاختبارات المقررة بنجاح، وذلك وفقا لما تضعه اللجنة، ويصدر به قرار من الوزير، وفي جميع الأحوال يجب ألا تقل مدة التدريب عن (2) عامين. ولا يجوز قيد المحامي المتدرب في جدول المحامين المقبولين أمام المحاكم الابتدائية إلا بعد اجتياز البرنامج التدريبي والاختبارات المقررة بنجاح، وفي حالة عدم اجتيازه لها يشطب اسمه من جدول المحامين المتدربين بقرار من اللجنة، ما لم تقرر منحه فرصة أخرى في ضوء الأسباب والمبررات التي يقدمها…”.
وتنص المادة (30) من القانون ذاته بأنه “يشترط لقيد المحامي في جدول المحامين المقبولين أمام المحاكم الابتدائية وما يعادلها، أن يكون من الفئات الآتية:
1 – المحامين المتدربين الذين اجتازوا بنجاح البرنامج التدريبي والاختبارات المنصوص عليها في المادة (25) من هذا القانون… 4- شاغلي الوظائف القانونية في وحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، والشركات ……، وذلك بعد اجتياز الاختبار المنصوص عليه في البند (3) من المادة (12) من هذا القانون”.
والمادة (31) من القانون ذاته والتي تنص بأن “يشترط لقيد المحامي في جدول المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف وما يعادلها أن يكون من الفئات الآتية:
1 – المحامين المقبولين أمام المحاكم الابتدائية، ومضى على اشتغالهم أمام هذه المحاكم مدة لا تقل عن (3) ثلاثة أعوام، وذلك بعد اجتياز الاختبار وبرنامج التعليم المستمر…”
والأمر نفسه فيما يتعلق بالمحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف وما يعادلها بقيدهم في جدول المحامين المقبولين أمام المحاكم العليا، وما يعادلها. عملاً بنص المادة (32) من القانون ذاته.
ويبين لنا من النصوص السابقة – أن المشرع – يهتم كثيراً بمسألة البرامج التدريبية والإختبارات المصاحبة لها، على إعتبارها مقياساً حقيقياً في استظهار مدى توافق قدرات المحامي وملكاته القانونية في تعاطي هذه المهنة الشريفة التي خصها المشرع الدستوري في المادة ( 88 ) من النظام الأساسي للدولة. من جانب، وإن هذه البرامج التدريبية والورش المتخصصة من شأنها معالجة مفردات القصور لدى بعض المحامين، وتنمية بعض مهاراتهم الإدراكية؛ كالتفكير الناقد، والتذكر، والإستدلال المنطقي في بعده القانوني السليم، بما يساوي في مجموعه التوجه الإستراتيجي لرؤية عمان 2040، وتحديداً التوجه الإستراتيجي بشأن تحقيق “منظومة تشريعية تشاركية، ونظام قضائي مستقل ومتخصص وناجز”، ولا يمكن – بحال من الأحوال – لمهنة المحاماة تحقيق وتجسيد “مفهوم المشاركة” إلا من خلال محام معتز بمهنته ومعزز لقيم التنافسية في جميع مساراتها.
وتجسيداً لهذا المفهوم؛ تقوم وزارة العدل والشؤون القانونية، ممثلة في المديرية العامة للشؤون العدلية، بعقد العديد من الورش التدريبية للمحامين والمستشارين القانونيين – في مختلف القوانين – وخاصة الحديثة، وهي ورش تدريبية ممنهجة تحقق مخرجات عديدة منها، قدرة المحامي على تحليل مختلف النصوص القانونية، والمقارنة مع بعض التشريعات الوطنية. كما تهتم هذه الورش بتنمية مهارات المحامين ودعوتهم إلى تقديم بعض التوصيات التي يرونها – من وجهة نظرهم – بحاجة للوقوف عليها وتعديلها عند تحديث تلك القوانين. كما تهتم الورش التدريبية في تدريب المحامين في كيفية تناول النصوص وتحليلها واستظهار فلسفة المشرع من سنها، في قالب قانوني سليم، وفي تناسق شكلي وتوافق موضوعي مجيد.
ولا ننسى – تلك الجهود التي يبذلها المعنيين بالوزارة – عند اختيارهم لعقد تلك الورش – في أنها تتسم بطابع الحداثة، والتقانة، التي – بلا شك – لن يستطيع المحامي المراهنة عليها الأ من خلال حضور تلك الورش المعدة لهذا الغرض، منها ما يتعلق بحقوق الملكية الصناعية، والعلامات التجارية، وأنظمة الذكاء الاصطناعي، ومسائل عملية من المهم النظر في مكوناتها خاصة مع تزايد رغبة السلطنة في تنوع مكونات اقتصادها الوطني؛ كالاستثمار، وتصفية الشركات، ووسائل انقاذ مختلف الشركات والمشروعات التجارية من خطر إشهار إفلاسها، والوسائل الوقائية من هذا الخطر، وتعظيم تحول الشركات إلى شركات مساهمة عامة، والإندماج بين هذه الشركات بما يحقق ديمومتها وقدرتها على المنافسة على مستويات إقتصادية عالمية.
إلا أنه في المقابل – يفرز الواقع العملي لحضور تلك الورش التدريبية – تناقص ملحوظ في حضور المستهدفين من هذه الدورات، مع أن وقت انعقادها – في اعتقادي – مناسب جداً لأغلبية المحامين إن لم يكن جميعهم. وما يخفف عنا، أن بعضهم الآخر حريص على حضور تلك الورش لإيمانه التام بأهميتها. وعليه ندعو جميع المحامين والمستشارين القانونين – حضور تلك الورش والبرامج التي تعقد لأجلهم، واستقطاع جزءاً من وقتهم الثمين وتخصيصه لحضورها والمشاركة إليها. تحقيقاً للأهداف المشتركة سابق الإشارة إليها من جانب، وأنها ضمن متطلبات التنقل من جدول إلى جدول أعلى المقبولين أمام المحاكم العمانية وما يعادلها.