2024
Adsense
مقالات صحفية

مقال: المركبة التكنولوجية .. ومسافة الألف ميل

أحمد بن سالم الفلاحي

shialoom@gmail.com

تمثل تحديات التنمية أمرا بالغ التعقيد، وهي تحديات تواجهها كل دول العالم بلا إستناء، والخروج الآمن من هذا الإستثناء هو التخطيط السليم، وتفعيل البحث العلمي، ومواكبة العصرنة بكثير من الحكمة، والحكمة هنا؛ هي الإنطلاقة من الواقع، وليس الاستيراد من الخارج، وتطبيقه على البيئة المحلية، سواء هذا الإستيراد آلة، أو قوة عاملة بشرية، ولا توجد دولة في العالم اليوم، كما كان الأمس، ليس فيها مفكرون،  وباحثون، وعباقرة في مختلف المجالات، فقط المسألة تحتاج الى رعاية، واهتمام، وتقصي حقائق وجود هذه العقول واحتوائها بدلا من أن يستفيد منها الآخر، عندما تهجر بلدانها، كما هو حاصل في كثير من البلدان العربية على وجه الخصوص.

تستوقفني في هذا المشهد التنموي التجربة السنغافورية، وهي التجربة التي تسجل نجاحات كثيرة في مختلف برامج التنمية، وتعد اليوم مثالا للشعوب التي تسعى بجهد أبنائها للخروج من مأزق التفوق التكنولوجي، على الرغم من أنها للتو تنجز (55) عاما منذ انطلاقتها، هنا أقف عند تجربة جديرة بالاهتمام وقفت عندها عن قرب، وهي السيارة التكنولوجية (DELPHA)، التي يعول عليها السنغفاريون الكثير من الآمال، سواء في قلة نسب وقوع الحوادث، أو سرعة تلبية طلبات المسافرين، أو في المحافظة على البيئة، أو الأمان النفسي والمادي، والمسألة كلها حسب هذه الرؤية لا تخرج عن ضغطة زر عبر الهاتف النقال تطلب فيها هذه المركبة وتحدد من خلال ذلك الوجهة التي تريدها، وهذه الفكرة جاءت للحد من زحمة المركبات على مختلف الطرق في المدن، وبالتالي التسهيل على الناس قضاء مشاويرهم في سهولة ويسر وسرعة.

تستوقفنا هذه التجارب الدولية لأهميتها، حيث ندرك أنها تأتي لتلبية الحاجة المستمرة لمختلف البنى الأساسية التي لا تنفد من وجودها أية دولة من دول العالم، ولعل “محنة” السير، إن تجوز التسمية، تشكل اليوم أكبر التحديات على الدول للحد من زحمة المدن على وجه الخصوص، خاصة في ضعف نظام المواصلات العامة الذي تعاني منه دول كثيرة، ومنها السلطنة، فالمركبات تزيد، والطرق تحتاج الى أزمان طويلة حتى تحدث وتطور، والناس، في كثير من الأحيان، يظلون مجبرين لأن يستخدموا سياراتهم الخاصة، وبالتالي فمسافة الكيلوات القليلة اصبحت تستهلك أوقاتا كثيرة ليكاد أحدنا يفكر في أستخدام الدراجات الهوائية، خاصة في المسافات القصيرة، وأتصور أن هذا الأمر سيكون واقعا في القريب العاجل.

يقدر الجميع أن الأخذ بالحلول التكنولوجية الحديثة – كما هو الحال؛ في التجربة السنغافورية – مثل هذه المركبة، ليس فقط في كلفتها المادية، ولكن أيضا في استغنائها عن مجموعة كبيرة من السائقين، ولكنه يبقى خيارا استراتيجيا في يوم من الأيام، وهذا الخيارة الاستراتيجي ليس فقط في مثال هذه السيارة التكنولوجية، ولكن في كثير من الصناعات القادمة التي تفرض نفسها كخدمات لا بد منها، توافقا مع متطلبات الحياة الحديثة التي يرى فيها الناس أنها معبرة عن عصرهم عصر التكنولوجيا، والآلات الحديثة القائمة كلها على تسيير دفة عملها على أجهزة الحاسب الآلي الذي يختصر في أجهزة صغيرة ربما تكون أصغر من الهاتف النقال الذي نحمله بين أيدينا أينما ذهبنا وحللنا.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights