هل أمنوا العقوبة؟
صالح بن خليفة القرني
لا أدري أين قرأت أنه بعد أن شاهد عمدة إحدى المدن الغربية التزام الناس الشديد بقانون المرور وحرصهم على عدم مخالفته لدرجة أنه يمر الأسبوع دون أن تسجل مخالفة مرور واحدة على الناس، فأراد كنوع من التجربة الاجتماعية اختبار الناس هل احترام قانون المرور صار قيمة راسخة لديهم؟
فقرر إلغاء تطبيق المخالفات المرورية لمدة أسبوع، وكانت النتيجة حدوث فوضى مرورية عارمة في المدينة. استنتج حينها إن القانون والخوف من دفع المخالفات هو من حركهم للالتزام.
هذا هو الغرب المادي الذي ننظر إليه نظرة المغلوب للغالب بحسب ابن خلدون الذي يقول: “أن المغلوب مولَع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيّه ونحلته وسائر أحواله وعوائده” وهو في الواقع قد ترسخت قيمه ومبادئه بفعل قوة الردع القانونية.
وأنا أتصفّح إحدى وسائل التواصل الاجتماعي -كما يحلو لبعض الناس تسميتها- وهي في الواقع وسائل القطيعة الاجتماعية واللاتفاعل الاجتماعي، شاهدت منشور يتعارض مع القيم الإسلامية والأخلاق العمانية وبه مجاهرة بالمعصية فهرعت للتعليقات كنوع من الفضول ولأعرف هل يرضي الناس بمثل هذه المنشورات؟ وهل ينكرونها؟ فوجدت تعليقات تثلج صدري، ثم يرد بطل المنشور بأن لديه محامٍ بارعٌِ وسيضرب بيد من حديد كل من يعلق على منشوراته.
تساءلت عن القانون الذي يحمي هؤلاء، أوليس هو ذاته الذي يحمى المعلقين على المنشور؟ فقد تحقق الركن المادي في الجريمة بخدش الحياء ومخالفة قيم المجتمع.
أحرص دائماً على الإعراض عن هكذا منشورات وأحذر أشد الحذر من التعليق وأوصي أولادي كذلك فليس لي جرأة لأريق ماء وجهي ولم أجمع المال ببساطة لأنفقه على هؤلاء.
أقف إجلالاً واحتراماً لبعض المشاهير ممن يحرصون على سمعة بلادهم وقيمه وعاداته وتقاليده وإنني كعماني وكأب وكمربي وكغيور وأرفض التلوث البصري الذي نشاهده في حسابات البعض ممن يسمون بالنشطاء وأدعو الإدعاء العام والجهات الأمنية لمتابعة منشوراتهم، هذه الحسابات التي يشاهدها الأولاد والبنات والمراهقون والمراهقات فتتشكل لديهم صورة ذهنية عن بلادهم وعن رجالها ونسائها.
ولا زلت أعوّل على القانون للحفاظ على هيبة المجتمع وقيمه ومبادئه وأما أن تظهر لنا دعوات التحرر والانفتاح وتنشر على الملأ دون الالتفات لأي معايير أخلاقية واجتماعية فمرفوض جملةً وتفصيلاً فلا يعقل أن يكون مثل هؤلاء قد أمنوا العقوبة في دولة المؤسسات والقانون، ولا أعتقد إن الرجال يرضيهم مثل هذه السلوكيات الرجال أقول.