الأحد: 27 أكتوبر 2024م - العدد رقم 2304
Adsense
مقالات صحفية

قليل من الإنصاف .. وقليل من المنطق

صالح بن خليفة القرني

   آليت على نفسي ألا أكتب عن الأمر إلا بعد أن سكنت الأصوات وتوقفت النكات ولم تعد القضية تتصدَّر الترند.

   إنها فروع منافع الحماية الاجتماعية السبعة وفرع منفعة دعم دخل الأسر التي شغلت فكر العوام، ولكنها كغيرها لم تبق في ذاكرتهم سوى ثلاثة أيام فما لبثوا أن عادوا لطبيعتهم البشرية من التكيف والتجاوز والتأقلم.

  لا أدري ما الذي يجعلني مهتماً بقانون الحماية الاجتماعية الذي صدر في ١٩ / ٧ / ٢٠٢٣ ولائحته التنفيذية التي صدرت في ٣١ / ١٢ / ٢٠٢٣ فقد قرأتهما أكثر من مرة وكان تركيزي أول الأمر على نظام التقاعد لمن أكملوا عشرين عاماً ولمن لم يكملوا وكيف ستحسب معاشاتهم التقاعدية؟ ولم يهدأ لي بال حتى فهمت الأمر بعد أن قرأت عنه كثيراً وناقشته مع عديد الزملاء من داخل وزارة التربية والتعليم ومن خارجها وبعد العودة للزملاء في صندوق الحماية الاجتماعية.

   بعد الضجة التي أثارها الإعلان عن فرع منفعة دعم دخل الأسر عدت لمتابعة التغريدات ومقاطع الفيديو ولقاءات المسؤولين عن الصندوق في وسائل التواصل الاجتماعي وقبل أن أكتب حرفاً واحدا قرأت القانون ولائحته أكثر من مرة وحاولت أن أفهمه وأردت كمواطن بسيط أن أعرض رأيي كنوع من المشاركة التي هي أساس من أساسات المواطنة.

   إن المتأمل في فروع المنافع المختلفة يجدها تغطي شرائح كبيرة من المواطنين ويستفيد منها جمع غفير من الناس فالغالب مستفيد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فمن ليس لديه أحد من كبار السن فبالتأكيد لديه طفل يستلم المنفعة أو من فئة ذوي الإعاقة أو من أسر الضمان الاجتماعي، وقد تم تسجيلهم في مراحل مدروسة وفي فترات قياسية وبكل يسر وسهولة

دون أن يذهب أحدنا لصندوق الحماية الاجتماعية، بل كنا نتذمر أن هذه المبالغ لم تكن إلا من جيب المواطن والخصم الذي جاء منذ مطلع هذا العام من رواتب الموظفين رغم إعلان الجهة المسؤولة عن الصندوق إن هذه المنافع لها اعتماداتها من ميزانية الدولة المعلنة وليس لها علاقة بزيادة نسب الخصم التي هي عبارة عن مساهمة الموظف في صندوق التقاعد.

لن أُلَمِّع صورة أحد وأنا أبسط من أن أقيّم أحداً إلا أن ما تم من جهود من تسجيل كل هذه الفئات في فترة وجيزة وتوزيع مخصصات مالية تتتجاوز العشرون مليون شهرياً على هذه المنافع وبقليل من الإنصاف ليس أمراً سهلاً.

حينما أنظر بعين النحلة لا الذبابة أجد هنا كبير سن لم يكن لديه معاش تقاعدي ويعتمد على أولاده أعطوه أو منعوه أصبح لديه دخلا، وأرى هناك مسن لم يكن يكفيه معاشه التقاعدي قد تحسن دخله ومن ذوي الاحتياجات الخاصة قد زاد إلى راتبه البسيط مبلغ يعينه على أعباء الحياة، ورب أسرة لديه أطفال كثر قد أعانه قليلاً مجموع مبالغ منفعتهم، فقليل قليل من الإنصاف لكل من تندر بالصندوق وقليل قليل من الإنصاف لكل الجهود المبذولة.

بعد كل هذه الفوائد التي جنيناها ولا زلنا نجنيها جاء الإعلان عن فرع منفعة دعم دخل الأسر وأثار تصريح مدير الحماية الاجتماعية حفيظة المواطنين حينما ذكر ما ورد في البند 3 في المادة (58) من قانون الحماية الاجتماعية مصطلح ( الدخل المكافئ) :”يكون الدخل المكافئ للقدرة على العمل بالنسبة للأنثى غير المتزوجة أو الأرملة التي ليس لديها أبناء أو المطلقة التي ليس لديها أبناء، مبلغا وقدره (٣٥) خمسة وثلاثون ريالا عمانيا شهريا”، معنى ذلك فالأصل أن تستلم هذه الفئة 115 ريال ولكن يخصم منه الدخل المكافئ ولا تستلم سوى 80 ريالاً فمع قليل قليل من المنطق كيف لهذه الفئة أن يكون لها دخل آخر؟ ومع قليل من المنطق كيف قُدِّر بخمسة وثلاثين ريالا؟

كي أفهم حسبة الجذر التربيعي كان لي تواصل مع أحد مختصي الرياضيات فشرح لي -جزاه الله خيراً-وعرفت بأن منفعة دخل الأسرة تحسب بحسب عدد أفراد الأسرة مثلاً:

-عدد الأفراد : فرد الواحد 115 ريالاً

عدد الأفراد :اثنان 162 ريالاً تقريبا

عدد الأفراد :ثلاثة 199 ريالاً تقريباً

عدد الأفراد :أربعة 230 ريالا. تقريبا.

وهكذا حتى تصل إلى مبلغ 450 ريالاً كحد أقصى

وكل ذلك بعد النظر لشروط الاستحقاق وكلها شروط إلى حد ما منطقية إلا أنه من غير المنطق أن تحسب منفعة كبار السن لمسنين ( أب وأم مثلاً) بمنفعة فرد واحد فقط لأنهما ينتميان لهذه الأسرة بسيطة الحال أوليس من المنطق أن نعينهم إسوة بالميسورين من كبار السن؟

إن كنت منصفاً فإن قانون الحماية الاجتماعية من أفضل القوانين التي أسهمت بشكل مباشر في تحسن الوضع المعيشي للمواطنين وهذه نقطة قوة فيه، وأما فرص التحسين فهي:

-إلغاء الدخل المكافئ ودفع مبلغ الفتاة الكبيرة كاملاً أو إيجاد وسيلة دخل لها تعادل الدخل المكافئ ( مثلاً دعم حكومي للفتيات المنتجات)

-إعطاء كبار السن جميعهم المنفعة ولو كانوا من الأسر مستحقة منفعة دعم دخل الأسر

 -مراجعة القانون ليشمل المتعثرين من أصحاب القروض الإسكانية والشخصية ويحسب ما يتبقى من خصم القروض دخل أسرهم ويتم دعمهم لحين سدادهم للقروض.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights