فؤاد آلبوسعيدي
لست مُعيباً لجمالِ عيناك،
ولا ناكراً لأقوالَك المُخدّرة..
ولكن فقط..
الأحاديث تكثر وتُصبِح أفعالاً..
لا أُعيب المكتوبَ في لسانك،
فبعضَ الأقوالَ ليلاً تُمسي أفعالاً..
وليس كلّ همسٍ منك هَـلْوسة..
فلا تنفي بلاغة بوحَـك،
فإن بعض حرفُك شعراً..
وبعض الفِعل له فاعل..
والمفعولُ له فاعِل..
وأنا فاعِلٌ وأنت فاعِلٌ..
وهَـلوساتُكَ فاعلةٌ..
والحديث بيننا كان فاعِلاً..
فكم أخضعتني بحتميّة أفعالك،
وكم قيّدتني بأغلالكَ مجروراً..
وصوتكَ بِهلوسته معي أمالني إليك،
حتّى بات يُصبّبني عرقاً..
وكان كحسنك يجذبني،
وكنت أنت الفاعل..
وعقلكَ المُهَـلْوس كان لي ناصِباً..
فبكلّ هلوسةٍ أبْقيْتها في قلبي،
أضحيتُ أنا مفعولك المنصوبَ دائماً..
فأنتَ الفاعلَ وأنا المكسورَ بفِعلُك..
وإن جئتني بعد عُقودٍ وأزمانٍ،
لأخبرتك عن كلّ الأحاديثِ..
فكم تركتها ناصبةً وفاعلة..
في خاصرتي..
وكم جعلتها معي تأكل راحتي،
مفتوحةٌ ومشدودةٌ..
وتبقى هَـلوساتُك مضْمومةٌ معي..
حدثتني لحظاتي معك
رغم أذيتها لي..
بل أقول دون هَـلْوسة منّي..
حدّثني عقلي الذي بتّ لا أثق به،
رغم إمتلائِه بالحكمة..
نقلاً عن قلبي الذي بِتّ أكفُر به،
رغم يقيني وإيماني بربّي..
حادثاني عن دقّاتِ شجنٍ تهزّني،
فباتت تضرب بقوةٍ أبواب فؤادي..
عن جُنونٍ بات يسكن أركاني،
فباتت الأوصال بيننا مقطوعة..
عن حالات اللاّوعي اللاّمنتهية..
التي أضحت كجيرانٍ أمقتهم..
وكم حدّثتني أصابعي المُرْهِفة،
عن كلّ الحروف التي أكتبها عنك..
حتّى باتت خنجرا ً معقوداً في أنفاسي..
وحدّثتني عيناي الحالمتان،
عن صورتك البهيّة التي تملأ بصري..
ووجهك الحسنُ..
نعم وجهك ونوره،
الذي لا يغيب حتّى في دُجى اللّيالي،
فبات سجّاناً بيني وبين سُكوني المفقود..
وحدّثتني أُذُنـاي..
عن صوتك الذي يتردّد في صيواني،
فبتّ ملبّياً لكلّ نداء وذكرى تجمعنا..
وحدّثتني سطوري،
عن قصائدي..
وأشعاري التّي أفردتها عنك كثيراً..
وتلك الأبيات التي مجّدَتْك مديحاً،
وتعظيماً تغزّلت بك منشداً..
وحدّثتني محابِرَ أقلامي،
عن بهاءِ محاسِنُك في دفتري..
ونشرت ذِكرها في ذاكرتي،
وفاض الوصف في مذكّراتي،
فباتت طلاسيماً لا يفهمها سواي..
وكلّها كانت بفعل هَـلوساتك المُخدِّرة..
وعلى طاري كثرة الروايات بيننا،
وغزارة كلّ الحكايات التي مرّت علينا..
وعلى سرد الأحاديث التي أحفظها،
بِماذا تسمّي ما تقرأ؟
رجاءاً..
قم بإعرابِ كلّ أحاديثُنا المُهَـلوسة..
