التريث في اتخاذ القرار، قوة الحكمة وليست ضعفاً
سليمان بن علي الراشدي
في عالم سريع الخطى يُعتبر اتخاذ القرارات السريعة مهارة محورية في الحياة اليومية والعملية، ومع ذلك قد يواجه الفرد أحياناً مواقف تتطلب التريث والتفكير العميق بدلاً من التصرف العاجل، فعدم اتخاذ القرار فوراً لا يعني بالضرورة ضعفاً، بل قد يكون ضرورة تفرضها توازنات معقدة لا ترى بالعين المجردة، هذه المواقف تتطلب التريث كوسيلة لإيجاد الحل الأمثل حيث إن القرارات المتسرعة قد تقود إلى نتائج سلبية وغير محسوبة.
التوازنات التي تفرض نفسها في بعض الأحيان يجد الفرد أو القائد نفسه في موقف يتطلب التروي قبل اتخاذ أي خطوة، قد تكون هذه التوازنات سياسية، اجتماعية، أو مهنية، وقد تؤثر على مجموعة كبيرة من الناس، على سبيل المثال في العمل الإداري؛ قد يؤدي اتخاذ قرار متسرع إلى إحداث اضطرابات تؤثر على فرق العمل أو مصلحة الشركة في هذه الحالة فإن إدراك التوازنات المحيطة مثل المصالح المتضاربة، والعلاقات بين الأطراف المختلفة، أو الأثر الطويل الأمد للقرار، يجعل التريث أكثر حكمة.
التريث في مواجهة التعقيدات تتنوع الأسباب التي تدفع للتريث، ولكن أكثرها شيوعاً وجود عوامل معقدة يصعب الحكم عليها سريعاً، فعلى سبيل المثال قد يحتاج الأمر إلى جمع معلومات إضافية أو تحليل مستفيض للوضع قبل أن يتسنى اتخاذ القرار، هنا يكمن التريث في القوة وليس الضعف، إذ يُمكّن الفرد من اتخاذ قرار واعٍ ومستند إلى الحقائق والاحتمالات الواقعية بدلاً من المجازفة بالنتائج.
الفرق بين التريث والتردد،
فالتريث قد يُساء فهمه أحياناً على أنه تردد أو خوف من تحمل المسؤولية، لكن الحقيقة أن التريث يقوم على تقييم مدروس للعواقب، بينما التردد ناتج عن خوف أو شكوك تعيق الشخص عن التقدم في المواقف الحرجة، فيكون التمييز بين الاثنين حاسماً، حيث إن التريث يعني القدرة على اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة مع توافر المعلومات الكافية.
متى يصبح التريث ضرورة؟
هناك حالات معينة يصبح فيها التريث ضرورياً للحفاظ على التوازن وتحقيق النجاح من هذه الحالات:
1. التعامل مع أطراف متعددة: حين تتعدد المصالح ويصعب إرضاء الجميع، يكون التريث ضرورياً لتفادي أي صدام أو خسائر.
2. المواقف غير الواضحة: عندما تكون النتائج المحتملة غير واضحة أو تتغير الظروف بشكل مستمر.
3. تداعيات طويلة الأمد: إذا كان للقرار تأثيرات قد تستمر لسنوات من الأفضل التريث لضمان اتخاذ القرار الأفضل.
لذا يعدّ التريث في اتخاذ القرار ليس ضعفاً أو هروباً من المسؤولية، بل حكمة تُمارس حين تفرض التوازنات نفسها.
التروي يمنح القائد أو الفرد الوقت اللازم للتفكير والتحليل والتشاور، مما يساعد في اتخاذ قرار مستنير ومبني على الحقائق.
عليه فإن القدرة على التريث حين يكون ذلك مطلوباً هي جزء أساسي من الحكمة والقيادة الفعالة في أي مجال.