سوّي عقل!
عبدالله بن حمد الغافري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
اقتضت حكمة الله تعالى أن يجعل الخلافة في أرضه للإنسان الذي كرمه على سائر مخلوقاته وسخر له الكون بما فيه ومن فيه.
وحتى يستمر النسل البشري كي يقوم بهذا الواجب، فقد شرع الخالق سبحانه وتعالى الزواج بين الجنسين الذكر والأنثى، فقال سبحانه :”{ وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَ ٰجࣰا لِّتَسۡكُنُوۤا۟ إِلَیۡهَا وَجَعَلَ بَیۡنَكُم مَّوَدَّةࣰ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ }
[سُورَةُ الرُّومِ: ٢١]
وقال جل في علاه : { وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَیۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ }
[سُورَةُ النَّجۡمِ: ٤٥]
فالسبب الوحيد لاستمرار النسل الزواج الشرعي القائم على المودة والرحمة والتعاون والتضحية بين الزوجين.
وقد جعل الله تعالى الزواج سكناً للزوجين وراحةً لهما من عناءِ الحياة وسبيلاً لقضاء الوطر ومورداً للذرية الصالحة وأماناً من تقلبات الدهر وتقدم العمر وأمناً وطمأنينةً لا يعرف قيمتَها ولا يجل قدرَها إلا من خاض غمارَ الحياة ومارس أحوالها وعركته صروفُها، فلله الفضل والمنة على ما أولى وأنعم.
ومما يؤسف له أن نسمع بتزايد حالات الطلاق في كثيرٍ من الأسر وبين العديد من الأزواج، وكأنما الزواج وبناء الأسر مجرد مختبرِ تجاربَ ينتقي منها ما يشاء ويترك ما يشاء.
(سَوّي عقل) مثل عماني عظيم في معناه، مثله كمن يقول ( كبّر دماغَك) ونحن نقول يا أخي الكريم ويا أختي الكريمة سوي عقل وكبر دماغك واعلم أن أقدس رباط بعد الإيمان بالله تعالى رباط الزوجية، قال سبحانه :{ وَكَیۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضࣲ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّیثَـٰقًا غَلِیظࣰا }
[سُورَةُ النِّسَاءِ: ٢١]
فلم يصف بالميثاق الغليظ في كتاب الله الا ميثاق الزواج! لماذا؟
لأنه ميثاق الحياة ميثاق الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان ميثاق الإفضاء وهو استحلال الفروج والمعاشرة! وهو داعي الفطرة وهو رحمة وهو آية من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى وإلا فكيف تتم المودة والترابط الأبدي بين زوجين مدى الحياة.
أيها الفضلاء وأيتها الفضليات لنعقل جيدا ما نقول وما نفعل، ولنربط ألسنتنا برباط الرزانة والمحاسبة والمراقبة لله تعالى.
وأنت أيها الرجل أيها الزوج يا تاج الأسرة ويا عمودها لا تتسرع وتهدم بيتك بالطلاق، والطلاق البائن فلك في التأني والتسامح والتغاضي ولين الجانب وذكر المحاسن والاستقرار الأسري لك في كل ذلك موعظة وواقٍ عن التلفظ بالطلاق، كما أن تفحصك لحالك وحال أولادك والتشتت النفسي والعائلي والشتات الاجتماعي وما يصاحبه من أمراض نفسية وبدنية كل ذلك يجعلك تحسب حسابك ألف مرة بل آلاف إن لم يكن ملايين قبل أن تُقدم على الطلاق، وهناك حلول كثيرة قبل الطلاق لعل الفرصة تكون مواتية لنكتب فيها.
هنيئاً لك أخي
هنيئاً لك أختي حياتكما الزوجية، وكونا سداً منيعاً لبيتكما من نزغة الشيطان ووسوسة الجان، وليكن بيتكما الزهرة المورقة والشذى العاطر والمأوى الدافئ لكما ولذريتكما والحمد لله رب العالمين.