2024
Adsense
مقالات صحفية

الهوية والاعتزاز بها .. جوهر الشخص وقوته

خلف بن سليمان البحري

الهوية ذلك النسيج الذي يشكل كيان الفرد ويربطه بجذوره وتاريخه، فهي ليست مجرد مجموعة من العادات والتقاليد، بل مرآة تعكس الذات الداخلية للفرد وتمنحه إحساسًا بالانتماء والتفرد، فالاعتزاز بالهوية يمثل شعورًا عميقًا يربط الإنسان بجذوره ويمنحه القوة لمواجهة التحديات بثقة وثبات في عالم اليوم الذي تتسارع فيه التغيرات وتتشابك فيه الثقافات، فيصبح من الضروري أن نعود إلى ذواتنا وإلى هوياتنا التي تشكل مصدر قوتنا، فالهوية ليست قيدًا على الانفتاح، بل هي الأساس الذي نرتكز عليه ونحن نبحر في هذا العالم المتغير.

عندما يتواجد الإنسان خارج حدود وطنه، قد يشعر بالغربة أو بفقدان الانتماء إلا أن الهوية تلعب دورًا محوريًا في التخفيف من تلك الأحاسيس، فالشخص الذي يعتز بهويته يبقى دائمًا متصلًا بجذوره وقيمه، حتى وإن كان في بيئة تختلف عن بيئته الأصلية، وهذا الاعتزاز يمنح الإنسان استقرارًا نفسيًا يجعله يدرك من هو وما يمثله، بغض النظر عن المكان الذي يتواجد فيه، وعليه فإن الشعور بالانتماء إلى الهوية يمنح الفرد الثقة بقدراته ويساعده على التكيف مع الثقافات المختلفة دون أن يفقد جوهره أو قيمه الأساسية.

الاعتزاز بالهوية يعني أيضًا الحفاظ على الجذور الثقافية، حيث يظل الفرد متصلًا بموروثاته وتقاليده حتى وإن كان يعيش في بلد أجنبي، فعندها تصبح الهوية ذلك الجسر الذي يربط الإنسان بتاريخه، مما يخلق شعورًا بالاستمرارية والانتماء.
هذا الاتصال بالثقافة الأصلية يمكن أن يكون مصدرًا للراحة والدعم في أوقات الغربة، حيث يشعر الفرد أن لديه جذورًا ثابتة تساعده على التعامل مع التحديات التي يواجهها.

ثقة الفرد بنفسه تزداد عندما يعتز بهويته، فهو يعرف قيمه، وما الذي يمثله في العالم، وهذا يجعله قادرًا على تقديم نفسه بثقة واحترام في أي مكان. الاعتزاز بالهوية لا يعني الانغلاق على الذات، بل يمنح الإنسان القوة للتفاعل مع التنوع الثقافي بطريقة إيجابية عندما يكون الإنسان واثقًا من هويته، يمكنه أن يستفيد من الثقافات الأخرى دون أن يشعر بالتهديد أو الفقدان، بل يرى في هذا التنوع فرصة للتعلم والنمو الشخصي. الهوية لا تتعارض مع الانفتاح على العالم، بلا زاد تعزز قدرة الإنسان على التكيف والبقاء متماسكًا في مختلف البيئات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتزاز بالهوية يساعد الفرد على الحفاظ على استقراره النفسي، خاصة في بيئات جديدة وغير مألوفة في الغربة، قد يشعر بعضنا بالضياع أو بالاغتراب إلا أن الهوية تكون ملاذًا داخليًا يمنح الإنسان شعورًا بالأمان والثبات حين يكون الشخص مرتبطًا بجذوره وهويته، يجد في نفسه الأساس الصلب الذي يمكنه من مواجهة التغيرات دون أن يفقد إحساسه بذاته.

إلى جانب ذلك الاعتزاز بالهوية يمكن أن يكون وسيلة لنقل القيم والتقاليد للأجيال القادمة حتى وإن كان الشخص يعيش خارج وطنه من خلال التمسك بهويته وتعزيزها، يمكنه تعليم أبنائه وأحفاده تلك القيم والمعتقدات التي تشكلت عبر الزمن، مما يساعد على استمرار الهوية عبر الأجيال حتى في بيئات مختلفة، بهذه الطريقة يساهم الاعتزاز بالهوية في تعزيز التواصل الثقافي بين الأجيال والحفاظ على التراث.

في النهاية إن الاعتزاز بالهوية يمثل جوهر الشخص وقوته الحقيقية، فهو ما يمنحه الثقة والاستقرار النفسي، ويجعله قادرًا على التعامل مع التحديات والتغيرات بثبات وتفرد، الهوية ليست مجرد تراث أو ماضٍ، بل هي الحاضر والمستقبل، وهي التي تجعل الفرد قادرًا على أن يواجه العالم بثقة دون أن يفقد جوهره، سواء كان داخل وطنه أو خارجه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights