٩) نزهة الحروف…
خلفان بن ناصر الرواحي
حرف (ص):
كل الشدائد والمحن التي تصادفنا تحتاج إلى صبر وصمود في سبيل تجاوزها، فمن خلال ما نرى في هاتين الكلمتين (صبر، صمود) اللتين يتصدرهما حرفنا (ص)؛ لهو رسالة لكل إنسان في هذه الحياة أن ينظر إليها بعين الاعتبار دون تذمر أو خوف.
ولو أمعنا النظر أكثر لاشتقاق بعض المفاهيم الأخرى التي تعنينا في حياتنا من خلال وجود حرف (ص)؛ لوجدناه متصدرا عدة كلمات ذات مدلولات رائعة وراسخة في سبيل تحقيق الترابط والتكافل الاجتماعي والأسري، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ (صِدقْ، صديق، صاحب، صفاء، صحة). فكهذا علينا أن نوظف هذه الحروف في كلمات تناسب مجريات حياتنا اليومية لما هو إيجابي.
حرف (ض):
سميت اللغة العربية بـ “لغة الضاد” نظراً لكونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف (ض)، بالإضافة إلى أنّ العرب هم أفصح من نطقوه، فمن المعروف أنّ حرف (ض) يعتبر من أصعب الحروف نطقاً عند غير العرب، كما أن بعض المتكلمين بغير العربية يعجزون عن إيجاد صوت بديل له في لغاتهم.
وهكذا نجد أن لغة “الضاد” شامخة، وتبقى أحد أرقى وأهم اللغات في العالم، فهي لغة القرآن الكريم التي فضلها الله سبحانه وتعالى على جميع اللغات في العالم.
كما نرى من خلال استنباطنا لبعض مفردات المعاني من وجود حرفنا هذا (ض) في بعض الكلمات فيها دافع معنوي لمجريات الحياة، فكلمة (ضياء) مثلاً، هي دلالة معنوية على وجه الشبه لانقشاع المحن في حياتنا؛ ليتولد ضياء الحياة حيث وجد الأمل والتفاؤل. قال الإمام الشافعي رحمه الله مستعينا بحرف (ض) في كلمتي (يَضيقُ، ضاقت)؛ ليزرع لنا التفاؤل والثقة بالله:
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى
ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها
فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
عليه نقول، مهما ضاقت بنا الدنيا على وسعها، علينا تذكر أن أشد ساعات الليل ظلمة هي الساعة التي يليها الفجر؛ فلنزرع بحرف (ض) ضوء الأمل، ففرج الله قريب.
ولنا في هذه النزهة تتمة…