بحر وملامح وأسرار
عبير بنت سيف الشبلية
هذا المساء جميعهم هنا والكل انعزل في مكان، لست أنا وحدي من يقف أمام البحر الذي بدا ألطف ما يكون، بل في قمة رقته والصفاء، وهدوء الأمواج تشعرك بالدفئ والأمان، على عكس الأمس حينما كانت تتقاذف هائجة.
كنت أنظر من حولي، صغار يلعبون ويضحكون ويصرخون مع الأمواج، دون تردد وخوف، ملامحهم تضج بالحياة، وأخرى تركض خلف صغير ترى النور والسرور في عينيه، تريد أن تلتقط له صورة تذكارية، وهناك من يمارس الرياضة، وفتيات في مقتبل العمر يرسمن الحروف بفرح، وسرعان ما تغسلها الأمواج، ويصرخن بضحك لااااا.
وسرعان ما شاركتهم، وكنت أمشي وأمشي على رمال الشاطئ، ولم أخف حينما لامستني الأمواج.
كنت أنظر لآخرين قاموا بجمع الأصداف المتناثرة، ثم رسموا منها ملامح وأسرار على الرمال.
فجأة، سرعان ما أخذتني الأصوات للسماء، وإذا بطائرة ورقية تحلق في عنان السماء، أشعر بتسارع النبضات سعادةً وبهجةً وجنوناً.
تعال هنا، لا لا هناك، هؤلاء الأشقياء الصغار يركضون معاً. وكل واحد منهم يريد أن يشد الخيط بكل ثقة، حتى كنت أراقبهم والطائرة تطير بصمت، وكنت أكتم بداخلي، كم كنت أتمنى لو أنها طائرتي وحدي وأنا من يشد الخيط.
سحر البحر يأخذك إلى عالم آخر، يشبهك كثيراً، ولكنك آثرت الابتعاد في لحظة ما. اقتربت أكثر، يجذبني المنظر بعشق ساحر، وأشعر بالطمأنينة والراحة وانا أراقب قوارب الصيادين هنا وهناك.
ما أروع البحر، وما أشد تناقضه لولا الحذر.