السبت: 26 أبريل 2025م - العدد رقم 2532
Adsense
مقالات صحفية

حكمة الله في اختياراتنا

سليمان بن علي الراشدي

في مسار الحياة، غالباً ما نجد أنفسنا أمام مفترقات طرق، مترددين بين خيارات متعددة، نسعى بجهدٍ كبير لاتخاذ القرار الصائب، معتقدين أنَّنا نملك الحكمة الكافية لاختيار الأفضل ولكن هناك أوقات تزداد فيها الأمور تعقيداً، حيث تصبح الخيارات المتاحة ليست كما نتمنى، فنقف متسائلين عن السبب.

مع مرور الزمن والتجارب، تبدأ حقيقة عظيمة في الظهور بوضوح أمام أعيننا: أن الله، في حكمته اللامتناهية، قد يكون قد حمانا من أنفسنا ومن اختياراتنا، فكم من مرةٍ اعتقدنا أن اختياراً معيناً هو الأفضل، ولكن لو تُركنا لنمضي فيه، لربما كانت نهايته كارثية؟! كم من بابٍ مغلق ظننَّا أنه خذلان، ولكن اتضح فيما بعد أنه كان رحمةً خفية؟!

قال الله تعالى في كتابه العزيز:
“وَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُواْ شَيْـًۭٔا وَهُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيْـًۭٔا وَهُوَ شَرٌّۭ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” [البقرة: 216]

في هذه اللحظات ندرك أن الله بحكمته وعلمه يوجّهنا نحو ما هو خيرٌ لنا حتى لو لم ندرك ذلك في حينه تلك المواقف تعلمنا التواضع والاعتماد على الله في كل أمر؛ فندرك أن ما نراه ضيقاً قد يكون في الحقيقة واسعاً، وما نراه خسارةً قد يكون فوزاً مخفياً.

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: “عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، ولَيْسَ ذلكَ لأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيْراً له، وإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً له”.(رواه أحمد).

إن التوجيه الإلهي هو ما ينقذنا من الغرق في متاهات اختياراتنا التي قد تكون مبنية على قصر نظرنا أو على رغباتٍ عابرة، فتأتي العناية الإلهية لتعيد توجيهنا إلى الطريق الصحيح ولو كان ذلك عبر إغلاق بعض الأبواب التي ظننا أنها مفتاح السعادة.

لنثق في الله وفي حكمته ولندع قلوبنا تسير في ظل هذه الثقة مطمئنين أن كل ما يحدث لنا هو خيرٌ حتى وإن كان خفياً فلا تنسَى أن تنظر إلى حياتك بعين الاعتبار، وأن تشكر الله على تلك اللحظات التي ظننت أنها نهاية ولكنها كانت بداية جديدة أكثر جمالاً وحكمة؛ والخيرة فيما اختاره الله.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights