شريفة بنت راشد القطيطية
تعودت الصباح على خارطة وجهك أجمل، يزرع ابتساماتي على جدران قلبك .. ويسرقني إلى حيثك، نشرب القهوة معا قبل العودة للعشق.. كانت وكنت وكنا ، وليتها بقيت تلك البهجة !، فتشعر الروح باسمرار الوجد الذي اختلط بمكانك الخالي وأشرفت الشمس على حقيقة غيابك، فقررت الذهاب للعمل كأسير سينقل إلى معتقل آخر، ولا يدري كم مضى من الوقت على قتله.
أخذتَ تفاصيلك جميعها دفعة واحدة .. وعندما وصلت من تبعات أفكاري وجدتك قد أجريت اتصالا مع الجميع .. إلا أنا، تركتني أبحث عنك من توابعك الخرساء فأنطقتها، أنا سيئة أكثر مما تتصور .. لدرجة أنني أسحقك كخشب الصندل لأصنع منك العطر، وأتباهى كيفما أشاء، ليس بمقدرتك مغادرة هذه الأراضي المخملية التي يشرف عليها ذات القلب الذي علقته دون رموز .
تكتظ الآهات بسباق عارم لتصطدم بقلبي .. حين أدركت أنك لست حبيبا لي وإنما مستمع جيد .. تأخذ كل شيء إلى هاوية لا رجوع منها ولن تعترف بقتلي !، الجميع لديه حقائب صمت إلا قلبي يصمت في حقيبتك التي يتدلى منها انبهاري وتوتري وحماقتي، قررت أن أغير كل شيء هذا اليوم ولن أستقل فضولي وأتبع خطواتك، ولن انتبه لغيابك ولن أبحث عنك، ولن أعقد اتفاقا مع عقارب الساعة وأنتظرك، وسأبحث في المدينة عن رمق ساجد تحت ظل شجرة .
لم يكن موعدا عندما ركبت حافلة مكتظة بالرؤوس العابسة وانفرادات متوازية، فأخذت أعد كم وجها في قبضة تلك الحافلة المتجهة إلى جنوب المدينة، وكم عهدة أوقفتني ليصمت معها ذهني المتوعك حتى صادفت وجهه الذي امتلأ دهشة مرة واحدة، تجاهلت المشهد وفضلت الجلوس في آخر الحافلة .. تعمد إطالة الوقت ليجمع تذاكر الركاب، وبدون عذاب وقف وتجمهر حول نبضي لعله يلتقط خيباته الملقاة على الطريق! .
الانزواء وحيدا في آخر الحافلة، لايعني أن لديك حبيبا وتفكر به، يعني أن تميزك أجمل عندما تنزل آخر شخص وكل خطوة نحو الباب ترسم لك وجهه على معطفك، وتصريح صارم يأتيك من جوف خيالك .. احتفظ بخفقاتك تحت معطفك، احتفظ بجمال أشيائك الثمينة التي لا تعوض، وإيمانك بحلاوة روحك ولا تسمح لأي شيء يأخذك إلى حفلة تنكرية تُسقط ماء وجهك فيها وتعود كمغترب لا يدري متى وقت العودة للوطن .
