نبأ ما سيأتي، وخبر ما كان ..
ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي
قوارب الأيام تمخر عباب الحياة كسرعة النُبلِ والسهام، وأفئدة الأنام بين خوفٍ ورجاء، وسعادةٍ وأحزان؛ فإما ندمٌ وخسران وسوء ختام، وإما سكونٌ واطمئنان وحُسن مقام.
والحال على مر العصور في اختلاف وانقسام، وسعي للخلود في ركام هذه الدُنيا، ولعمري ما هذا الركام؟! وما سميت دُنيا؛ إلا لأنها دُنيا من بهرجٍ وحُطام، والكيّسُ من مضى لعلو المقام ولم يفلت منه الزمام.
فريقانِ يتصارعان؛ كل واحد يتربص بالآخر لعله يأخذ غريمه على حين غرة؛ لينفرد هو بالأرض والمكان ولا يشاركه فيهما أحد، أسماكٌ صغيرة وحيتان تأكل بعضها بعضًا عيانًا، ونعاج كثيرة وخرفان وضباعٌ وثيران تمامًا كشريعة الغابةِ ليس بها أمان.
وحوشٌ همها القضاء على كل إنسان يعيشُ في محيطه بسلام واطمئنان، طمعًا في المال والثروات وتلذذًا في سفك الدماء وإزهاق الأرواح ورغبة في الهيمنة على الكون!
قطعان إثر قطعان، وفتنٌ بات ينطق بها الزمان، منها ما وقع من قبل، ومنها ما هو واقع الآن، وثلة قليلة صابرة على الحق متمسكة بالقرآن، كلام الله الذي فيه نبأ ما سيأتي، وخبر ما كان، لا يضرهم من خذلهم من أهل النفاق والشنئان من أسافل العرب وخليط الأعاجم ولقطاء الصهاينة، ومن البرابرة والهنود أرباب البغي والعدوان، ومن كل مشرك خوان.
وقد تحزبوا، واتحدوا، وتكالبوا على أهل الإيمان بكل غطرسةٍ وخيلاء؛ ليشعلوا فتيل النيران في كل مكان، ويضرمون الفتن في كل عصرٍ وأوان بآلاتِ ويلات الحروب بيعًا واكتسابًا؛ هؤلاء هم الصهاينة من اليهود، لا عهد لهم ولا ميثاق، ولم يكتب لهم العيش بأمان.
وقد تاهوا في الأرض أشتاتًا، وتشرذموا حتى لفظتهم الأمكنة في كل البلدان، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وما جمعهم الله من بعد الشتات في أرض فلسطين إلا لحكمة،واقرأوا سورة الإسراء؛،ففيها الخبر والتبيان، وفصل القول بالقسط والميزان.
فهم يخططون دومًا منذ الأزل، ويحشدون الحشود من جنودٍ وفرسان، والحمد لله أن الله هو المهيمن وهو خالق الأكوان وإليه يرجع الأمر كله وعليه التكلان؛ فقد اصطفى أهل فلسطين، وأهل غزة في هذا الزمان؛ فأرواح الشهداء منهم تُساق سوقًا إلى فراديس الجنان، فالمؤمن لا يخاف؛ بل يثبته الله ، فإما النصر وإما الشهادة، وعدًا صادقًا من الله حقًا، لا مراء فيه، وليس بالهذيان.