نضوج البنفسج
منال السيد حسن
كانت تدعو الله موقنةً بالإجابة.. و الأحلامُ كانت طوع يديها لا تمل و لا تكل..
تتميز بالحدس القوي لتوقع نتائج الأشياء من حولِها (لقد وبخها ذات مرة على ذلك بل لم يصدقها على الإطلاق)
ظلت كما هي لا تأبه شيئا حولها إلا غيابه.. أو فقدانه.
لطالما حلمت معه بسلام أخضر .. و دعت ربها أن يهبه كل السعادة كي يعم السلام على الجميع .. فشعورٌ جميلٌ معه ولو قليلٌ كان كفيلا بخلق كل أنواع الفرح و الأمل داخل نفسها المؤمنة بحق الإنسان في الحب و الحياة.. وحقها فيه.. فيهٍ هو .. “حقها فيه”.. (ذاك الحق الذي لطالما وبخها بسبب مطالبتها به) .. إنكاره الدائم على وجود ذلك الحق.. لهو دلالة ودليل على فرض وجوده و سند وجوبه..
حسنا.. هذه المرة كانت تجلس في هدوءٍ عجيب.. هدوء قريب من الإنفجار .. وقريب من الإجهاد والكآبة..
تهيأت لها شجرة البرتقال الجميلة تتدلى منها زهورُ البرتقال ذات الرائحة الذكية .. تلك الشجرة التي لطالما حلمت بها وهي تجلس معه تحت ظلها .. كان الرقودُ في ظل شجرة البرتقال ممتعاً يثيرُ لذيذَ الأحلام.
“إني إمرأة”.. قالت جملتها تلك و دموع غزيرة تنهمر من روحها المنكسرة..
شعورٌ بالخذلان مثار في نفسها .. “أنا أحبه .. قلبي ليس تفاحته التي يمكن قسمتها .. أنا إذا أحببت فأنا على حق” اشتهاءها دوما الحب والسعادة والسلام والأمان .. كان مردوده عليهم “إحنا مش عايشين في الجنة يا ماما .. إحنا على الأرض”.
تحرك رأسها في بطءٍ و رتابة .. هي تعرف كيف “تجمع” المشاعر والآمال التي تطوف في أروقة عقلها .. يعاندها خيط المستحيل العالق بين أحلامها و هو .. تنظر إلى السماء ولسان حالها يقول: “نحن نتوق إلى السعادة في شبابنا .. والحب لا يمكن إيجاده الآن في زخم الحياة .. نحن نملك الآن زمام الأمور في قدرتنا على بث روح الأمل في نفس كلانا .. الحب الذي أتلهف عليه هو الحب كتضحية و ليس الحب كمتعة”.
(القلب لا يعرف قانونا في الحب .. أو على الأصح للقلب قوانينه التي لا تناسب الناس جميعا) كما قال -رسول حمزاتوف- ..
سبعة أعوام مضت.. و لا زالت تجهل فحواه .. فتارةً من فرط إحساسه يجعلها ترفرف في سماء العشق والحريات .. و تارة أخرى يجعلها تجهل من هو .. يجعلها قاب قوسين أو أدنى من الموت المعنوي الذي يكاد يودي بحياتها.
هل كان عليها أن تكون أنانيةً معه بعض الشيء مثله؟!! هل كان عليها إساءة معاملته؟!!
كما قال أوفيد ” الأنانية صفة تلهب الحب .. من تريد إطالة عمر الحب عليها إساءة معاملة الحبيب”.
أم تؤمن بمقولة بول فاليري حين قال “من المستحيل أن تعرف ما تحبه حقا في الحبيب .. لأن الحب موجه صوب المجهول منه”.
سبعة أعوام مضت بحلوها و مرها .. أيقنت فيهما فعلا أن : “الحب فيه كل شيء حقيقي و كل شيء وهمي” (شامفور).
فهي منذ اليوم الذي عرِفته فيه و هي تضحك و تبكي في آنٍ واحد .. حبه الذي يحمل كل شيء و تضاده على سطحٍ واحد .. يجوز لذلك لا زالت تحبه!!!
تذكرت؛ معه كم تحول الرماد إلى فراشا .. و برك الألم الموحلة في شوارع روحها عادت سحبا من أمل .. وكم بؤس يسكن القلب يعود أدراجه و يشع القلب أملا حال رؤيته.
تذكرت شجرة الياسمين التي نبتت في روحها و التي بنظرة رضا منه كانت تثمر كل يوم آلاف الأزهار .. فتبسمت وتوعدت له بمزيد من حب واهتمام.