سيأتي الفرج عاجلاً أم آجلاً
خوله كامل الكردي
الشعوب المسلمة في بقاع الأرض، مشارقها ومغاربها، تشاهد بألم وحسرة ما يحصل لأهلنا في غزة، ولسان حالهم يلهج بالدعاء أن يكشف الله الغمة ويرد كيد المحتل الظالم إلى نحره، يهيأ لهم أن السبل قد انقطعت، يؤمنون أن لا ملجأ من قضاء الله إلا التسليم له، ومعرفة أن تصاريف الأمور كلها خاضعة لقضاء الله وقدرته وهي تسير وفق إرادته سبحانه، لا يعلم أحد الحكمة الربانية من وراء كل ما يحدث من وجع ومعاناة لأهل غزة، فهناك ضعيف إيمان يجزع ويهلع ويقضي وقته في لوم كل شيء، وعلى حظه العاثر أو إلقاء المسؤولية علي أسباب مادية لن تغير من مشيئة الله سبحانه.
الاعتصام بحبل الله والإيمان بأن علمه سبق كل شيء فما يجري قد خُطّ في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق أبونا آدم عليه السلام. صحيح أن الحرب ما زالت إلى هذه اللحظة التي أكتب فيه هذا المقال، وقد يساور العديد منّا أنها حرب بلا نهاية، لأنه يرى أنها حرب من طرف واحد يشنها الأشرار على المستضعفين من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، قتل وقتل في كل ساعة، وتشريد ونزوح للمرة العاشرة، فطيلة الشهور التسعة التي مرّت كالجحيم على الأبرياء في غزة هاشم، لا يعرفون إلى أيّ جهة يذهبون، يهيمون على وجوههم، أرض الله واسعة، لكن الاحتلال جعل كل بقعة فيها مكاناً للقتل والقصف والاعتقال، سؤال يتبادر إلى أذهانهم: قولوا لنا بالله عليكم إلى أين نذهب؟ أين المكان الآمن؟ نُستدرج إلى الموت كما الشاة تنتظر سكين الجزار ليذبحها، يكذبون ثم يكذبون يتهموننا بالإرهاب، إذا كنا إرهابيين، إذن هم ماذا؟
ترتفع أعداد الشهداء والجرحى في كل يوم، ولم يكن في حسبان العديد من المحللين والمطّلعين على المشهد الفلسطيني أن تبقى حرب إسرائيل على غزة كل تلك الشهور، حرب انتقامية يأكل حقدها الأخضر واليابس على أرض غزة الحبيبة، تضيق الحياة في أعين الناس، وتُختصر في الشهادة والرحيل إلى الجنة، قلوب مكسورة ومكلومة من التشرد وفقد الأحباب، والأعظم من ذلك الخذلان، خذلان أخوة الدم والدين، يتساءلون ولا جواب لأسئلتهم، والحيرة تنهش معالم وجوههم، يقتلهما الصمت والسكون اللذان يخيمان على المشهد بأكمله، في المقابل، أبطال يقاومون الغازى الخبيث بصدورهم العارية وبما تيسّر لهم من سلاح بسيط، لكنه في توكلهم على الله يصنعون منه المعجزات، لأنه مجبول برضا الله، وبكاءٌ وتضرعٌ في ليل، ومثابرة في النهار، أن يسدد الله رميهم ويرحل الغرباء إلى غير رجعة، ويتبخروا كزبد البحر ينصرفون غير مأسوف عليهم، تردد ألسنتهم قول الشاعر:
صبراً إذا جللٌ أصابكم
فالعسر آخره إلى اليسر