كن برداً وسلاما يا قلبي
ميمونة بنت علي الكلبانية
وما الذي دهاكِ يا رفي رفيقة، ولا تحاولي أن تخفي شيئاً البتة، فآثار الألم تحُوط ملامحك؟!
ومن أين سأبدأ، وإلى أين سأنتهي؛ فكلماتي تالفة تائهة في بحر الخيبة وفي الحسرة هائمة، انظري ما الذي حل بروحي الثكلى المحملة بأعباء هذه الحياة القاسية؛ ففي كل مرة يغرس خنجر أشدّ قوةً من قبله في جوف صدري.
إنّ روحي تئن آلماً وصوت النحيب اجتاح نطاق غرفتي.
ومن برأيك يتحمل مسؤولية ما يحل بكِ يا فتاة؟!
أنا المذنبة الوحيدة يا عزيزتي، فلولا تنازلاتي الكثيرة لما كان ذاك قد حدث، ولو لم أغض بصري عن تفاصيل كثيرة مهمة لما تأذت روحي بهذا الشكل الفظيع، إنني أموت قهراً على ما يحل بي، فإني أناجي الله كل ليلة ليغيثني من هذا الدمار، وفي كل لحظة أتلاشى بيني وبين نفسي لأعود وأنا ملمة بنفسي أمام الملأ حتى لا يشهد أي مخلوق ضعفي.
وهل ستستطيعين مسامحتهم؟!
لا أعلم هل سيفصح هذا القلب عن جارحه وقاتله؟! إنّ قلبي قد بتُر من بين أضلعي وقد قرّر اعتزال عن فنَ سَلم نفسه للبرود واللامبالاة، لقد أرخيت قبضتي عن كل ما جرى لي بعدها، ولم يعد يهمني شيء؛ فإني على يقين أن الخير في بعدهم عني، وهذا ما يؤنس روحي المشوهة. في الحقيقة حتى ولو سامحتهم لكن أثر الندبات لن يزول أبداً حتى لو رقعته، لن يترقع والجرح حتى وإن أندمل لن يتوقف عن الألم.
لقد أحرقوا روحي بنارٍ كالجحيم، لم أكن أستحقّ أن يفعل بي هذا. لا بأس كل شي يمر وأعلم أنها فترة وستمر على قلبي المهيض.
أيتها النار في قلبي كوني برداً وسلاما عليه…