حذاء
شماء الكلبانية
كانت تسيران سعيدتان، تجمعهما المحبة والود، تارة بين الحقول تمرحان، وتارة أخرى في مزرعة الحيوان تستمتعان، تجدهما معا فالسهل والوادي والجبل، كان هدفهما أن تبقيان للأبد لا يفرقهما سوى الموت…
ومنذ الصباح تراهما تسيران لإلقاء التحية وتبادل السلام والاطمئنان على أحوال أهل القرية.
وذات يوم اشتكت إحداهما أنها مريضة، ولا تستطيع المشي ولا حتى الوقوف، ورغم ذلك شجعتها صديقتها الأخرى من الحذاء أنك تستطيعين المشي؛ فأنا بدونك لا قيمة لي، فحاولت المشي لكنها لم تستطع رغم محاولاتها، وفي يوم كئيب قررت فردة الحذاء أن تغادر الحياة بسبب مرضها.
بقيت الفردة الأخرى من الحذاء حزينة باكية تجلس بمفردها تحت الطاولة، لا أحد يواسيها متأملة أن صديقتها من فردة الحذاء ستعود يوماً وستسيران معا كسابق عهدهما.
ولكن للأسف الشديد بعد أشهر قليلة من الوحدة والانتظار أصيبت هي الأخرى بمرض شديد أفقدها الشعور والإحساس بنفسها… ولا تستطيع المشي، ورغم ذلك حاولت مراراً وتكراراً أن تسير مجدداً وأن تكون قوية لكن دون جدوى.
الوقت ظهراً، قررت الفردة الأخرى من الحذاء أن تغادر هي الأخرى لتلتحق بصديقتها لتلتقيان مجدداً بعد غياب أشهر عن بعضهما البعض.. فلم تعد فردة الحذاء الأولى وحيدة تحت الطاولة كسابق عهدها…
فما أقسى الفراق، وما أوجع الذكريات! ذكريات لا تموت مع الأحبة، وذكريات تؤلم بفقد الأحبة…
فلم يعد هناك فردة حذاء؛ رحلتا معا دون عودة…