تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
الخواطر

أقوى ظلمة (الجزء الثاني والأخير )

وداد بنت عبدالله الجابرية

سألتُ نفسي كثيراً، ما هو السبب لهروبي من حبه، رغم أنه حبًا صادقاً، مملوء بالحب والصدق والوئام والود، ولماذا هربتُ منه؟! رغم أني أعشقه حد الجنون، فهل قصّة حبنا تشبه قصة ليلى وقيس؟!

فبينما كنتُ أحلق؛ فإذا بالهواء يضربني لتتطاير خصلات شعري، ولكن ما زلت أشعر بشيء يضايقني كثيراً وهو الضجيج، فصوت الأجهزة تعلو أكثر، وشيء ما يخنقني، ولكنه يعطيني ذاك الهواء الذي يساعدني على التنفس جيداً، أحسستُ بأني أحلقُ في سماء مكتضة بالغيوم، وحينما تضرب تلك الغيوم في بعضها تصدر صوتًا قوياً؛ ولكن هل فعلاً لأن أنظر إلى تلك الغيوم أم هناك من كشف على صدري، لينعش قلبي، فقد كانت تلك الأصوات تصدر من ذلك الجهاز الذي أضرب به!

هل فعلاً سأكتب نهاية قصة حبنا؟!
فكيف لي أن أكتب نهايتها تعيسة؛ فإنها اقوى ظلمة مررت بها.
هل فعلاً كل المحبين تنكتب قصص حبهم بنهاية تعيسة كلها ظلم وظلام دامس، أم هناك من أنهى كتابة قصة حبهم وبالوداد؟!

فعندما حلقتُ بين الغيوم وسمعت ذلك الضجيج، جعلني أتذكر لحظة الفراق، بينما أقفز هنا وهناك فرحاً بأني سأنظر إلى من أحببته بين الجميع. هنا وقعت الصدمة، فقد مضت فترة طويلة لم ألتقي به، عندما سافرتُ لأكمل دراستي العملية، أتذكر بأن آخر لقاء كان بيننا ونحن في مقتبل العمر 24، وأما الآن 28 فقد مضت 3 سنوات.

وكمثل العادة بين فترات تتجمع فيه العائلات، ولكن هذه المرة تجمعنا في إحدى الأودية، وبينما ننتظر حظور الجميع، كنا نتسابق هنا وهناك، نجري بين أحبتنا، نتسابق لصعود الجبال، لتمر الساعات، حينها رن هاتفي ليضيء رفيقة العمر، فحينما أبدأ في الحديث معها لا أتذكر أين أنا، بينما أروي لها كل ما حصل معي في مسيرتي الدراسية، أبتعدتُ عن الجميع وأنا في قمّة سعادتي بالحديث معها، فأنا أنسى متاعب الحياة وقت محادثتها، نظرتُ إليه وهو يقف أمام فتاة في قمة الجمال يمسك بيدها ليذهب بها بعيداً عن الأنظار، حاورت نفسي من هذه؟
بعدها أنهيت مكالمتي، لأجلس بين الصبايا لنتحدث عن آخر الأحداث التي حدثت، ولكن سرعان ما شد انتباهي حديث أخته.
لم أكن أعلم بأن زواج أخي سيكون بهذه السرعة، تمنيت لو أنّكِ لم تكوني خارج البلاد.

هل فعلا تزوج؟ سألتُ نفسي كثيراً هذا السؤال، نعم أنه تزوج وتلك التي أمسك بيدها هي زوجته.
لماذا أهتم لأمره؟! فهو من خسرني، لو كان فعلاً أحبني وبادلني شعور الحب لعشنا أجمل اللحظات، ولكنه نساني في غمضة عين.

مر الوقت وأنا ما زلتُ مكاني، حتى سمعتُ نداء أمي، ذهبتُ إليها لأراها ماذا تريد، فمر من أمامي وألقى تحيته التي لم تتغير منذ الأزل، ألقيتُ تحية وأنا في عجل، مررتُ من أمامه وأنا في عجلة من أمري، فقد أتت أختي التي لم أراها منذ أسبوع، فلا أعلم كم كنتُ أسرع، هل 100 أو 120 كليومتر في الساعة! فالمكان الذي أسرع بداخله مليء بالصخور الكبيرة، فإنها صخور الذكريات، فلن أنسى تلك اللحظات، التي جمعت بيننا.

حينها تذكرتُ اعترافه لي، تذكرتُ وعده.
هل كانت أكاذيب؟!
مر اليوم لأداري دموعي، فلم أكن أتوقع بأن حبنا الصادق ينتهي بمأساة، مضيتُ حياتي وأنا أشغل نفسي لأنسى تلك الأكاذيب، ولكن هناك ما يدفعني للفضول لمعرفة سبب اختياره لفتاة غيري بعدما وعدني، ولكن ذلك المجهول عذراً أقصد المتهور قتل فضولي، أي بالأحرى قتل حياتي، فأمنيتي الأخيرة كانت ألا تصاب صديقتي بمكروه وأن لا تُأذي نفسها بلوم على أنها المذنبة لموتي، فقد متُ قبل أن يحدث الحادث، فمن أحببته قتلني ورمى بي في أقوى ظلمة، وهي ظلمة تلك الأكاذيب والوعود.

هل فعلاً كان يكذب لي طول تلك السنوات وأنا بغبائي صدقته؟، تمر الثواني والدقائق، لتكتمل ساعةُ تلوها ساعة، فلا خبر يخرج من تلك الغرفة ليطمئن القلوب، فقبل قليل ماتت أمام أعيننا وبعد الإنعاش، قيل بأن حياتها في خطر، ويجب إيقاف النزيف قبل أن نفقدها حتمًا، ولكن ما هو سبب تأخرهم لهذه الساعات، مضت 5 ساعات ولم يخرج أحداً ليطمئنا…

هنا تنتهى قصة أقوى ظلمة، لتموت بأقوى ظلمة أصابت قلبها، فكم من محب مات بسبب بُعد من أحبّه.
أن لم تكن وفياً بحبك، صادقاً بوعودك، فلا تعترف بحبك لمن أحببته، فالقلوب ضعيفة ولا يمكنها تحمل الصدمات، فقد قتل الأصمعي شخصاً والسبب بيت شعر.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights