تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

المواجهة الممنهجة ..

عبدالله بن حمدان الفارسي

قال تعالى:﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾-(الأنفال:60).

توافقًا مع سياق الآية المذكورة أعلاه، وإيمانًا بمبدأ التكافؤ بين الأضداد فيما يتعلق بالمواجهات والتحديات بين الأطراف باتخاذ القرارات، ودراسة الخطوات لتكون مثالية النتائج لأبعد حد عند اللزوم، وعملًا بما يتطابق مع العقل والمنطق من حيث كيفية التعامل مع الأحداث وما تفرزه من نتائج، فهناك معايير لا يمكن لنا التغافل عنها أو تجاوزها بناءً على مزاجية أفكارنا ومشاعرنا، أو الأخذ بها بعشوائية مطلقة، أو اتخاذ القرارات الفردية، دون اللجوء للمشورة ومشاركة الآخرين للاستشارة، فهنا لا بد من وقفة بأنه لا يمكن إبداء الرأي بغير علم؛ لأن ذلك يعد مخالفة فقهية وشرعية وأيضًا مهنية ليست لها علاقة بالشرائع الكونية والحياتية الإيجابية.

في خضم الأحداث المتشابكة التي تمر علينا وتشهدها الأمتين الإسلامية والعربية، وفي نفس الوقت نُجبر بالتعايش والتكيف معها شئنا أو أبينا، ونظرًا لتفاقم تلك الأحداث ومسبباتها وأثرها على نمط حياتنا عمومًا، والتغيرات التي تُفرضها علينا سلبًا أو إيجابًا، نضطر لاتخاذ إجراءات ربما تكون أكثرها بعيدة عما هو نافع لنا، ذلك نتيجة التسرع في ردة الفعل وعدم الثبات والوقوف على أرضية نموجية لاتخاذ الأنسب والأجدى لصالح أمتنا.

في الآونة الأخيرة كثرت وتعالت أصوات مخلصة، الغاية منها الذهاب بعيدًا، من حيث مقاطعة بعض المنتجات الأجنبية، والاستغناء عن الأيدي العاملة الوافدة على مختلف أنواع المهن التي تمارسها، وبعضهم يهدف من وراء صوته هو أن هذه المنتجات بلد المنشأ لها هو عدو للإسلام والمنتمين له، وأيضا داعم لكل ما هو معادي للمسلمين ومعتقدهم، والرأي الآخر أيضًا من باب الحرص على مصالح الوطن توجه لمحاربة وجود العمالة الوافدة بسبب سلبها لكل ما هو حق وشرعي لأبناء الوطن، وسحب البساط من تحتهم، والطرف الآخر وليس الأخير لا يقل إخلاصه وحبه لوطنه بأن آراءه وتوجهاته الغاية منها التأكيد على مصلحة الوطن والمواطن.

أتفق مع كل تلك الآراء المتفاوتة في توجهاتها وميولها، واضعًا نصب عيني على اختلاف تلك الفوارق المتباينة في التفكير، أن الهم الأهم هو معاقبة تلك الأقطار التي تسيطر عليها انتماءات تضمر الكره والحقد على الإسلام بفرض عقوبات مقاطعة لمنتجاتها للتأثير على الركيزة الأساسية لاقتصادها، كذلك تصريف العمالة الوافدة كونها تزاحم وتنافس أبناء الوطن على مصادر رزقها خلافًا عن الممارسات اللاخلاقية وما أكثرها.

كل تلك الأفواه والوقفات الساخطة أعتبرها من وجهة نظري إيجابية إلى حد بعيد، ومحقة في بعض الجوانب، إلا أن اختلافي معها بعض الشيء يكمن في أن تلك المناشدات لم توفق من حيث التوقيت المناسب للإعلان والتعبير عنها، وذلك من حيث عدم تواجد البدائل المناسبة والمنافسة، أيضًا انعدام العنصر البشري المحلي المتمكن من زحزحة نظيره الخارجي، وحتى نكون أكثر واقعية يجب أن يكون تفكيرنا ونظرتنا محل ثقة منبعها الإلمام التام بما يقوم به المنافس، وأن نكون قادرين على خلق بيئة من خلالها يكون لدينا الاكتفاء الذاتي والقدرة والتمكن من ناحية الصنع والإنتاج، ومن ثم إيجاد التوازن الفاعل بين التصدير والتوريد، وبين الإحلال والترحيل.

المناداة بمقاطعة بعض منتجات تلك البلدان الداعمة والمؤيدة للغاشم لم يكن لها ذلك التأثير المؤثر السلبي عليها، قد يرد بعضنا إنه أقل الإيمان، نعم فهو كذلك، ولكن بالمقابل ماذا لو تم قطع الإمدادات المختلفة والمتنوعة عنا وهي كثيرة؟ كما أن تلك المنتجات المطالب بمقاطعتها لا تشكل العامل الأساسي المعتمد عليه كليا لديها، فهناك الكثير مما يوّرد لنا منها، وأعتبرها أكثر أهمية من تلك، هل لدينا الاستطاعة بالتوقف عن استيراد المركبات بأنواعها وقطع الغيار اللازمة لها؟ والأدوات والمواد ذات الأهمية في حياتنا التي تُصنع في بلادهم؟ كذلك في حالة تصريف العمالة وترحيلها بشكل غير ممنهج ليست السائبة منها، إنما ذات النفع العام على سبيل المثال لا الحصر، العمالة الفنية والمهرة والمحترفة في مجالها والمستثمرة في بلادنا، كيف سيكون وضعنا؟

هناك نوافذ وأبواب عديدة ممكنة لنا نستطيع من خلالها التأثير ليس على الدول الداعمة للعدو الغاشم فقط، بل أن يكون ذلك بالمباشرة الفعلية على العدو الصهيوني، كما هو واضح وقائم من أعداء العقيدة بالمجاهرة والتحدي المعلن وإمداد العدو بالعدد والعتاد، مع عدم إخفاء العداء لأمتينا الإسلامية والعربية، فلتكن المنافذ مفتوحة ومتاحة لمن يرغب بالجهاد كماً وكيفاً.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights