2024
Adsense
قصص وروايات

قصة (سأكسر القيود ) الجزء الثالث

خلفان بن علي الرواحي

يخرج أنور من بيته، ليس أنور السابق وإنما شخص جديد وكأنه ولد اللحظة، كان يردد داخله “سوف أتخلص قريبا من خوفي وانطلق بكل طاقاتي، لن يكون هنا انزواء وبعد عن العالم”.

بدأت الأحلام تعود إليه وبدأ يرسم خارطة طريقه للمستقبل.

ما زال الطريق لبيت صديقه أحمد طويلا؛ فقرر أن يأخذ شيئا من العصير من مقهى على طريقه. تقدم من العامل الأسيوي، وألقى عليه التحية. ذلك العامل كان يلاحظ كثيرا مرور “أنور” ولكنه لا يتذكر أنه في يوم ألقى عليه التحية. أظهر العامل ابتسامة له ورحب به وقدم له قائمة العصائر الموجودة. اختار منها، ثم انتظر قليلا، وأخذ فرصة حتى يرتاح على أحد الكراسي البلاستيكية الموجودة.

في هدوء جلس “أنور” يراقب العالم حوله، وخلال ذلك انتبه لأمر كان غائبا عنه، كل هؤلاء المارة لم ينتبهوا له. تلك اللحظة أحس بشيء مختلف داخل إلى نفسه فقال: “أنا إنسان طبيعي، وهؤلاء الناس لم يركزوا علي، مروا وكأنهم لم يروني، لقد كنت أنا الذي أراقبهم وأتخيل أعينهم تنظر إلي، الخطأ كان بداخلي وليس في الناس”.

ثم جاء العامل ومعه العصير وقدمه له وهو يبتسم، وقال له: تفضل. أخذه وبدأ يشرب عصيره بصورة مختلفة عن السابق، الكل كان يسلم عليه وهم يبتسمون وهو يبادلهم الابتسامات ويلوح لهم بيده وداخله فرحة غامرة. ثم نهض حتى يواصل طريقه بعد أن دفع قيمة ما شرب.

وصل “أنور” لبيت صديقه. طرق الجرس وفتح له الباب ودخل، كان “أحمد” في غرفته عندما سأل عنه. قال لأم “أحمد”: سوف أذهب إليه. نظرت الأم إليه وأحس بأن نظرتها هذه المرة مختلفة عن السابق، ثم قالت: “تفضل “أنور” أنت تعرف الطريق لغرفة “أحمد”. يرد عليها “شكرا خالتي”. ويواصل طريقه حتى يصل للغرفة. طرق الباب. “أحمد” من الداخل: تفضل.

يدخل أنور، وأول ما رآه “أحمد” يتفاجأ به وينهض من مكانه وهو يقول: “أنور أهلا وسهلا بك، لقد أسعدتني بهذه الزيارة تفضل”.

يجلس “أنور” على السرير و”أحمد” يقف أمامه دون أن يتحدث إليه. فقط ينظر إليه، وعندما أطال النظر عاجله “أنور” بالسؤال: “ما بك؟”. أحمد: “لا شيء، فقط أرى وجها ليس الوجه الذي كنت أراه . ماذا حدث؟”. يمسك “أنور” بيد “أحمد” ويجلسه بجواره،ثم يقول: “لقد جئت حتى آخذ رأيك في أمر قررت القيام به، وأنا ليس لي صديق أستطيع أن أخبره بما لدي إلا أنت”. ضغط “أحمد” على يده وابتسم إليه قائلا: “هذا الأمر يسعدني، وبإذن الله لن أبخل عليك بشيء، وعسى أكون عند حسن الظن بي”.

استرسل “أنور” حديثه: “اليوم كنت جالس مع أسرتي، وعلى التلفاز فلم أجنبي. هكذا بدأ أنور الحديث مع صديقه “أحمد” فلم يقاطعه في حديثه، كان يرغب أن يواصل الحديث ويخرج كل ما في داخله، ثم واصل حديثه-أنور-: “الفلم يتحدث عن تغيير ملامح الوجه البطل، ووجدت حالة البطل شبيهة من حالتي، والآن أرغب في البحث عن أحد المراكز المتخصصة في عمليات التجميل حتى أعمل بها هذه العملية، وليس لي مساعد إلا أنت”. يقف “أحمد” خلف “أنور”، ويضع يديه على كتفيه، ويخفض رأسه قليلا حتى همس: “الآن تريد مني المساعدة في إجراء تلك العملية؟”. رد عليه “أنور” مسرعا: “نعم، بما أنها موجودة ويمكن القيام بها؛ لما لا؟. رد عليه “أحمد”: “أنه مجرد فلم، وليس له ارتباط بالواقع، ولو فرضنا أن هذا الأمر متيسر ويمكن القيام به، أنت هل لاحظت تغيير في شخصية كل من البطلين بعد تغيير الوجوه؟”، يتلعثم في الرد وكأنه لا يرغب في ذلك، ويواصل “أحمد”: “ترددك هذا دليل أنك فهمت الرسالة من سؤالي. لقد ظل النزيه نزيه مع أن وجهه أصبح وجه رجل السجون، والآخر في المقابل ظل مثل ما هو لئيم حتى بلغ به التحرش بابنة الشرطي وزوجته، فأحست بأن هذا الرجل ليس هو زوجها”.

نظر “أنور” إلى “أحمد” وقال له: “ماذا تقصد بهذا الكلام، أنا لا أهتم بهذا الجزء كل الذي أهتم به هو تغيير الوجوه لهما”. ثم يرد عليه: “الحقيقة التي تحاول تجاهلها هي أن التغيير يكون من الداخل وليس من الخارج؛ بمعني لو تغيرت الوجوه تظل الطباع والأخلاق مثل ما هي لا تتغير، وهذا ما أقصده لك، بأنك لو جدلا قمت بالعملية وغيرت وجهك هذا سوف تستمر في عدم الرضا وتحاول إجراء عملية ثانية وثالثة”. يثور “أنور” ويقول لصاحبه: “لقد قدمت إليك حتى لتساعدني ولا تضع العراقيل في دربي”. بهدوء يرد عليه “أحمد”: “أنا لا أضع أمامك المصاعب ولكن أوضح لك الأمر من خلال ما شاهدت في الفلم، والذي ترغب في تطبيقه”. يقف “أنور” ويخرج غاضبا من كلام “أحمد”، وفي طريق خروجه يصادف “أم أحمد” وهي قادمه لهما ولا ينتبه لها ويواصل قطع المسافة من غرفة “أحمد” للباب الخارجي، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة. تصرخ “أم أحمد” على ولدها: “أحمد”. يخرج مسرعا إليها: ماذا هناك يا أمي؟. تقترب منه وهي غاضبة: “ماذا فعلت ل”أنور”، كان مختلف حاله، دخل بوجه وخرج بآخر”. يبتسم “أحمد” لأمه وهو يقبل يدها: “هذا هو “أنور” بوجهين ويستطيع أن يستخدمها بنفس القدرة عندما يتغير من داخله”. يتركها وهي لم تفهم شيئا مما قال!.

للقصة بقية في الجزء التالي.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights