مقارنة عابرة بين هشاشة الكيان منذ نضال رأفت الهجان، وحتى الطوفان
ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي
إن المتتبع لأحداث المناضل العربي المُسلم والبطل القومي المَصري رفعت الجمال، والذي عُرف بعد ذلك “برأفت الهجان”، وهو الاسم الذي أطلقه عليه جهاز المخابرات المصري، فهو البطل القدير الذي برز وتفوق على غيره تفوقًا كاسحا ليشهد له الجميع.
وقد كشف لنا جهاز المخابرات المصري زيف الصورة الخادعة التي ارتبطت بخرافة الموساد الذي لا يقهر والذي لا يمكن اختراقه وذلك منذ عقود طويلة، حينما تسلل وتغلغل فيه الإنسان المصري الأعجوبة، بل وعاش فيه لأكثر من عقد ونصف.
وقد لقن المصريون العباقرة الصهاينة درسًا لا يمكن نسيانه على مر العقود، فهشاشة الكيان المحتل باتت واضحة لأهل النضال في مصر منذ الوهلة الأولى، وقد وأدت الخزعبلات التي قيلت عنه في مهدها.
أثبت الشاب المناضل جدارته بتوفيق من الله، وقد قام بتدريبه مجموعة من الضباط الأكفاء؛ حيث اكتشفوا مهارته واتقانه التحدث بلغات غير اللغة العربية باكرا. واستطاع طول مدة انخراطه وتوغله في قلب الكيان المحتل جمع معلومات خطيرة ودقيقة نفع بها وطنه وأمته بطرق مختلفة بدأً بالحبر السري وتطوراته المستمرة، ثم اللاسلكي عبر المذياع، ثم جهاز الإرسال المطور بأيادي مصرية، والذي يبدو في ظاهره وكأنه آلة حاسبة.
كما جند المناضل رأفت الهجان ضباطًا من هذا الكيان، مقابل المال؛ منهم المقامر والمتصابي والسكير، وكان حريصًا على كتمان الأمر حتى عن زوجته، وقد أخبرها فقط حينما جاد بأنفاسه الأخيرة، وقد عاش بعيدًا عن وطنه، وتزوج من مسيحية من أصل ألماني، وقد تكفلت الحكومة المصرية في إخراج هذا الملف في عمل درامي يجسد شخصية هذا المناضل الفذ الذي وهب حياته لخدمة وطنه وأمته.
فهذا النضال وهذا الكفاح الذي سطره هؤلاء الأبطال آنذاك لملحمة فخر تناقلتها الأجيال ويجب أن تدرس لكل الأجيال، وما أشبه الليلة بالبارحة ولكن المقارنة صعبة للغاية، فكما كانت مصر أعجوبة كذلك غزة اليوم أم الأعاجيب تفضح هذا الكيان وتقدمه للعالم أجمع.
فأرض الكِنانة ابتليت بما يعرف بالعدوان الثلاثي، وأرض غزة بعدوان العالم أجمع حتى من العرب أنفسهم، والذين حاصروا غزة اليوم هم العرب أنفسهم امتثالاً لأوامر الصهاينة؛ لذلك
قلت بأن المقارنة صعبة للغاية.
وطوال حصار غزة استطاعت المقاومة تصنيع الأسلحة من بقايا الخردة ، واستخدام الصواريخ التي لم تنفجر، وبرز رجالها في الصبر والثبات، وبرع رجال المقاومة الشجعان في تنفيذ عمليات من مسافة صفر، وأثبتوا تفوقهم على الكيان ليس منذ الطوفان فحسب؛ بل قبل ذلك بكثير.
وأذكر وصمة العار التي حلت بالكيان عندما قام ثلاثة من السجناء الشجعان الهروب من سجن الصهاينة المحاط بالجدران المتينة والأسلاك الشائكة والرقابة المستمرة بحفر أرضية السجن بملاعق طعام. وأتى الطوفان ليثبت أكثر بأن الشرفاء من أهل الجهاد ترافقهم معية الرحمٰن، وأن هذا الكيان لا محالة إلى زوال، وصفعة الطوفان كشفت حقيقة هذا الكيان وتفوق رجال غزة على أخلاط الجبناء وشتات العالم ومزيج
الإفرنج والرومان، وأبطلوا سحر عتادهم بقذيفة محلية صنعوها بأيديهم لتفجر من مسافة صفر دبابة باهضة الثمن، فيخرج المجاهد بنفسه حافيا ليكبر ويفجر دبابة بنفسه رغبة في النصر أو الشهادة؛ فيا لقوة الإيمان!
وكما استطاع رأفت الهجان تضليل الصهاينة، كذلك المناضل البطل يحيى السنوار استطاع تضليل هذا الكيان، وشتان بين الحقبة الزمانية منذ رأفت الهجان وحتى الآن، ولكن هشاشة الكيان لا تزال هي الهشاشة رغم كل الدعم وتأييد الحشود، وتظل كما هي على مدى الأزمان، وسينصر الله أهل الجهاد والإيمان، وستبقى غزة عصية على كل احتلال وعدوان وكل مطبع وخوان، فتحية لكل أبطال المقاومة ممن قضوا نحبهم وممن ينتظر، وتحية للمجاهد الكبير والمناضل العظيم محمد الضيف الذي حمل روحه على راحته وقدم للوطن الكثير، ولا ننسى كل الأرواح من رجال ونساء وأطفال الذين قدموا أرواحهم قرابين لله شهداء إلى الجنة فداءً للوطن.