2024
Adsense
مقالات صحفية

أمة اقرأ.. عازفة عن القراءة (٣)

خلفان بن ناصر الرواحي

إن الواقع الذي نعيشه اليوم، حقيقته أن مشكلة العزوف عن القراءة هي مشكلة عالمية وليست خاصة بمجتمعنا العُماني أو الأمتين الإسلامية والعربية فقط، فحتى أن الدول التي كانت شعوبها مدمنة على القراءة، مثل الشعب الإنجليزي والشعب الفرنسي أصبحت تعاني اليوم من هذه المشكلة أيضاً. فقد اطلعنا على تقرير بإحدى المواقع الإلكترونية- لا يحضرني اسمه أو رابطه ولا تاريخه-، ذُكر فيه “أن مجلة فرنسية (لوبوان) – وهي من أشهر المجلات الفرنسية- صدر عنها تحقيق موسع عن القراءة تحت عنوان “أنقذوا القراءة”، وتحدّث فيه عدد من كبار المفكرين والباحثين عن أزمة القراءة ومظاهر العزوف عنها، وقد بينوا في تحقيقهم بأن الكتاب يتعرض منذ سنوات لمنافسة قوية وربما غير متكافئة مع وسائل الاتصال المعرفية؛ مثل التلفاز والفيديو، والإنترنت، وكل ما يتصل بها من وسائل سمعية وبصرية. وقد تبين من خلال هذا التحقيق، بأن شخصاً من كل شخصين في فرنسا يشاهد التلفاز طيلة ساعات النهار، ومتوسط ما يخصصه الأمريكي للقراءة يبلغ نحو 34 دقيقة للصحف و 14دقيقة للمجلات، و 23 دقيقة فقط للكتب”. كما أكدت بعض التحقيقات والدراسات في دول الغرب التي كانت تتربع نسب القراء فيها سابقاً، قد قلّت نسبة الإقبال فيها على القراءة بشكل كبير، كما أن نوعية القراءة أصبحت متدنية، فالروايات ومنها المرعبة هي أكثر الكتب رواجاً فيها، فما بالنا بمجتمعنا العُماني خاصة وبالدول العربية الإسلامية؟!

رغم هذه الظاهرة والمؤشرات العالمية فإننا على يقين – من وجهة نظرنا- بأن القراءة لن تنقرض وستظل صامدة رغم قلة روادها، وسيظل الكتاب قائما كمصدر المعرفة الأول، رغم قلة الوعي بأهمية القراءة وازدياد نسبة الاستفادة من وسائل المعرفة الأخرى، وخاصة فيما يتعلق باستخدام وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الحاسوب، ورغم القدرة على الاستفادة من معطيات التقنية الحديثة. فرغم هذا وذاك فإن القراءة ستظل، وستبقى رافداً مهماً من روافد المعرفة البشرية إلى جوانب الروافد الأخرى، غير أن عودة الروح إلى فعل القراءة و انتفاء النفور عن عقول الأمة العربية والإسلامية يبقى رهينا بإيجاد وصفات علاجية ومشاريع فكرية فاعلة قادرة على بعث الروح البشرية لنهم القراءة من جديد، وعشقها لرفقة الكتاب واستحبابه في الوجود الإنساني.

إذاً، فما الحلول، وماذا يمكن أن نفعله نحن الذين نستهوي هذه المتعة ونعيش في أمة أصبحت غافلة ولا تنتبه للكتاب؟! هل نتوقف عن القراءة والكتابة واكتساب المعرفة، أو ننظر للمشكلة بأنها مجرد عارض عابر وسوف تستفيق الأمة الإسلامية والعربية من جديد؟

لا نريد هنا أن ندخل في تفاصيل التحديات التي تواجه خلق جيل جديد من القراء وتربيته على فعل القراءة، ولا الخوض في تلك الذرائع التي نتشبث بها، والأوهام التي نخلقها لتبرير عزوفنا عن القراءة وعدم اهتمامنا بالكتب، ولكن علينا أن نستفيق ونشحذ الهمم لمعرفة العشق الحقيقي لمصاحبة الكتاب. وهنا نذكر ما قاله المتنبي عن الكتاب:
أعز مكان في الدنا سرج سابح… وخير جليس في الزمان كتاب

خير المحادث والجليس كتاب .. تخلو به إن ملّك الأصحاب

لا مفشيا سرا إذا استودعته.. وتنال منه حكمة وصواب

ونحن نقول:

أَلا أَيُّهَا السَّائلُ المستنير
سلامي حبًا وشوقًا مدد

سلامي كتابٌ يمام السلام
مرادي عهداً طوال الأمد

فؤادي دليلي لنيل المراد
أكون أديباً بجدٍ وجد

سأبقى ببحري لعشق القلم
وأكتب شعراً ونثراً جدد

وأعلمُ أني صديق الأملْ
ويكبر حُلمي ليصنع مجد

بنبلِ الطموحِ وصدقِ اليقين
فما حبّب العلمَ عيشُ الرغد

أجاهدُ نفسي بحِلم الصبور
لأرقى المعاليَ حتى الأبد

أوازن شِعْري ببحر البيان
إلى أن أنالَ كمال الرشد

وللموضوع بقية سوف تكون في الجزء القادم بحول الله تعالى.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights