قلم أحمر
مريم الشكيلية
يقول -وهو يقف بشموخ رجل على خشبة الورق لرفع ستار عن مسرح الأبجدية-:
كيف لأنثى الشتاءات أن تقارب خريف ورق وتنازل حرفي؟
قلت: لأن امرأة المطر لا تهطل إلا في ساحات قاحلة، هل سمعت بشتاء جاء بحضور باهت؟ الشتاءات يا سيدي حين تأتي، فإنها تأتي بحضورٍ عاصف تخطفك بسرعة الدهشة، أليست الحياة أنثى؟
يقول: أنتِ امرأة تنحدر من أزمنةٍ ثلاث، وحضارات ثلاث، وتتنفسين تحت الورق، ولكن تربكك الأحرف المغسولة بحبر رجل.
قلت: كرجل باذخ الأبجدية، يخفي ارتباك حديثه ويتحصن بصمته، يجيد حسابات الأرقام لا الكلمات، توشي به عيناه وهو يحاول إخفاء شرارة حضوره.
يقول: ما من امرأة تتمدد على السطر إلا وفي داخلها زاوية موصدة بقفل الزمن، ضوء يتقلص يوشك أن ينطفئ، تقارع الحياة بمداد قلم، وحرير حرف لتخفي به حدادها.
قلت: هل ثمة ترف بين فراغات اللغة تجعل منك سيد الأبجديات السبع لتجعلك تخترق الأضواء الحبرية وتختطف حرفاً ضبابياً من روزمة أنثى تلتحف معطف الحياة؟
هل يمكن منازلتك من على سفح حرف شاهق دون أن يحدث ارتطام في الجانب الآخر للكوكب؟
قلت: ربما عليّ أن أبتكر لغة ثالثة لأتحاور معك.
يقول: اللغة ليست هي المغزى، وإنما أناقة الحرف، وأجمل ما يقال بين اثنين هو فك اشتباك أبجدية مفخخ بالكثير مما نود قوله.
يقول: كيف لأنثى الفلامنكو تراقص الكلمات على حلبة الورق، ويصعد بها الحرف إلى علوٍّ شاهق، الآن تتحايل على اللغة؟ أراك فراشة متفردة بلونها تحلق فوق سطح غيمة وسطر.
قلت: وأراك سيد الأرقام الذي يعدّ مائدة الكلمات بحسابات مُحكمة التنفيذ على ضيافة حرفٍ يعيد نفسه لفض اشتباك أحاديثنا الحبرية.