تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

مقال : الأحداث .. أكبر من “الوسادة الهوائية”

أحمد بن سالم الفلاحي

shialoom@gmail.com

تفرض بعض الأحداث نفسها على واقع الناس، فتقلقهم بعد أن كانوا آمنين، وتقض مضجعهم بعد أن كانوا مطمئنين، وتربك حساباتهم بعد أن كانوا مستقرين، وهذه الصورة “الديمومة” ليست بغريبه على حيات الناس اليومية، فمنذ أن بدأ وعينا بالحياة، ونتفهم بعض جزئياتها الصغيرة، والى اليوم، بعد أن بلغنا من العمر “عتيا” نعيش الأحداث المختلفة، في القريب والبعيد، في الأخ والصديق، وبقدر ديمومتها إلا أنها تترك آثارا خالدة، وتؤصل قناعات مهمة، وتعيد النظر لدى عدد غير قليل من الناس في حساباتهم نحو أنفسهم، وأقربائهم، وأصدقائهم، وهذه من الأمور الحسنة لآثار هذه الأحداث المتكررة في حياتنا اليومية، بمستوياتها المختلفة، وقربها او بعدها، زمانيا أو جغرافيا، عنا.

والمهم في توالي هذه الأحداث هو مستوى التغيير الذي تحدثه في حياة الناس، وقدرتهم على إعادة تشكيل أنفسهم من جديد، كلما واجهتهم أحداث، وأزمات أخرى مماثلة أو مغايرة، حيث تأتي مجموعة الأحداث السابقة لتعطي للمتلقي فرصة التغيير، وعدم الديمومة في التعامل مع كل الروابط المتعلقة بحياتنا اليومية، وأهم شيء يفترض في مجموعة هذه التغيرات، والقناعات هو عدم المساس بالعلاقة التي تربط الناس بعضهم ببعض، ولا حتى الإقتراب منها أصلا، ومتى سمح أحدنا لنفسه ركوب هذه “المظنة” فليتبوأ مكانه من سخط خلق الله عليه قبل خالقه.

هذه الصورة تؤكد عدم إنصياع الناس لمجموعة التأثيرا التي يتلقاها من توالي الأحداث، وتجد الكثير منا، يغالي بصورة متعمدة الى الدخول بلا إستئذان الى خصوصيات الآخرين، واستمراره في الخوض في أعراض الآخرين، وإصدار الأحكام ضدهم، وقد تتوسع الدائرة أكثر، الى إصدار الأحكام المسبقة عنهم، وتنصيب أنفسهم عنهم، حيث يضعوا أنفسهم في موقع المتحدث الرسمي – إن اتجوز التسمية – دون الوقوف على حقائق  الأمور، على الرغم من النصوص في القرآن الكريم والسنة التي تشدد أكثر على هذه المسالة، وإن يراها البعض اليوم على أنها ضمن الشائع بين الناس، وبالتالي، يستسهلوا الموقف، ويوقعوا أنفسهم في حرج شديد، ليس فقط فيمن يغتالوا برآتهم، ويعتدوا على طفولتهم، وينتزعون منهم مجموعة السدود والحواجز التي تحيطهم، وتحافظ على خصوصياتهم، حيث تصبح سيرهم على ألسنة الجميع، وسيرتهم المعتدلة منتهكة، يحدث هذا كله، والطرف الآخر من المعادلة يعيش في سبات عميق، دون أن يدري مجموعة السكاكين الموجهة اليه، لتنال منه، وتنشر خصوصياته على حبل الغسيل، كما يقال، دون اعتبار لشخصه، وأسرته، وأطفاله، وعلاقاته المتجذرة بالآخرين من حوله، المهم أن “المتشفي” قد أفضى بما لديه، وعلى المتلقي أن ينتصر لذاته إن أراد، أو يوكل أمره الى الله.

 

وما يبعث على الدهشة في كثيرمن هذه المواقف، هو أن التجربة الإنسانية التي تقضي اليوم عمرا غير يسير منذ خلق النشأة الأولى،  لم يستطع الإنسان من خلالها أن يستفد من مجموعة الدروس التي مرت، ومن مجموعة الأحداث التي فرضت واقعها على الناس، حيث يظل الإنسان حبيس سيرته الأولى دون أن تؤثر فيه مجموعة الأحداث، فيعيد ترتيب أوراقه من جديد، ويستحضر العقل كأحد أهم المصادات المعنوية للمحافظة على كيان الأسر والمجتمع.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights