2024
Adsense
مقالات صحفية

أمة اقرأ.. عازفة عن القراءة (١)

خلفان بن ناصر الرواحي

إن العزوف عن القراءة أصبح ظاهرة عامة، بل هو في حد ذاته مشكلة كبيرة يواجهها مجتمعنا العُماني خاصة وشباب الأمة الإسلامية والمجتمع العربي عامة، ولا شك أن ذلك هو أحد الأسباب الرئيسة في تأخر ركب حضارة أمة اقرأ؛ فالقراءة هي أول أمرٍ ووحي قرآني نزل بها جبريل عليه السلام على نبي الأمة – عليه أفضل الصلاة والسلام-؛ حيث يقول تعالى في سورة العلق: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}- [سورة العلق: 1- 5].
كما أن القراءة هي مصدر المعرفة والوعي في المجتمعات، وهي نماء للعقول وبناء للثقافات المتنوعة، وبها تكون محصلة الرفعة والتقدم والنماء والرخاء في الأوطان.

ومما يؤسف له، أنّ القراءة أصبحت غائبة اليوم عن الغالبية العظمى من شباب أمتنا، ونرى ذلك جليا في بُعدهم وخاصة طلبة العلم في المدارس والجامعات، والشباب عامة، ونفورهم من الكتب والمكتبات ومجالس العلم، حتى أصبحت هذه الظاهرة سمة واضحة ربما على جيل بأكمله؛ ولذلك وغيره لا بد من تشخيص ذلك ووضع خطوات ومشاريع عملية لعلاجها، وقبل أن نذكر العلاج نذكر من جانبنا بعض الأسباب التي نعتقد أنها جعلت هذه الظاهرة متفشية بين شباب أمتنا الإسلامية والعربية.

نعم، قد تتعدد الأسباب ولكن النتيجة واحدة، وتبقى ظاهرة العزوف عن القراءة والمطالعة عند جيل اليوم تتنامى يوما بعد يوم، وحولها أسباب متعددة، ونذكر أهمها من وجهة نظرنا فيما يلي:

– غياب المسؤولية الفردية؛ حيث تعد السبب الأكبر في هذا النفور التحصيلي، وحالة اللاوعي التي يعيشها الشباب في دنيا الإغراء والانشغال بملاهيها الزائلة أكثر من أي شيء آخر.
– عدم وجود الرغبة الحقيقية والنهم والحماسة في طلب العلم وزيادة الوعي في المجتمع، سواء كان من أهل العلم والمعرفة أنفسهم أو من الكتب.
– ربما لوجود عامل نفسي داخلي يجعل بعضنا كثيرا ما يعتقد ويستسلم لواقعه، ويهمس لنفسه، وقد يردّد في غالب الأمر عبارة “أنا لا أهوى أو “لا أحب القراءة”، أو “أنني أنام عندما أمسك الكتاب”، أو “ليس لدي الوقت”، أو غيرها من العبارات والأعذار الواهية؛ بينما يقضي الوقت في اللهو ووسائل التواصل الاجتماعي بالساعات!
– يعاني معظمنا من الملل وقلة المثابرة والمصابرة؛ فالقراءة بلا شك تحتاج إلى نفس طويل لا ينقطع لأي عارض مهما كانت درجة تأثيره.
– عدم الإدراك والوعي بأهمية القراءة في حياة الفرد والجماعة، فتجد كثيرا منا يتعذر بعدم استطاعته لفهم ما يقرأه! أو بادعائه لوجود صعوبة لفهم ما تحتويه بعض الكتب، وربما ساق عذراً بأن القراءة ليس منها شيء من الفائدة!
– عدم القدرة على التوازن في الحياة وتنظيم الوقت والأولويات؛ فتجد بعضنا يهتم بأعمال كثيرة وينسى الاهتمام بجانب القراءة والاطلاع.
– عدم الاهتمام بوجود مكتبة منزلية، فكيف توجد القراءة ونحن فاقدون أحد أركانها، وهو الكتاب ومكانته في تربية النشء لحب القراءة والاطلاع؟!
– يلجأ بعضنا إلى الابتداء في القراءة بالكتب التي لا تتناسب مع قدرتنا على فهم محتواها والمعقدة؛ مما يسبب النفور من القراءة من أول وهلة!
– يدعي الغالبية منا الاكتفاء بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت والإعلام، أو بقراءة المجلات والنشرات والصحف؛ وهذه في الغالب ليست مصادر للعلم والمعرفة والثقافة.
– يلجأ بعضنا إلى الإقبال على الإنترنت والكتب الإلكترونية والمقاطع الصوتية والمرئية وغيرها؛ وبهذا التصرف يكون إهمالاً للكتاب الورقي ومتعته.
– قد يكون بسبب عدم التوفيق في اختيار المحتوى ومعرفة المنهج والأسلوب للكتاب المقروء؛ الذي ينتج عنه عدم الفهم ومن ثم النفور من القراءة.
– البعد عن الأجواء الأدبية والثقافية والعلمية، وعدم التحمس للمشاركة فيها، فتجده لا يشارك في المسابقات العلمية والنقاشات الهادفة، سواء في دور العلم أو العمل؛ مما يجعل الفجوة تزيد بينه وبين تعلقه بالكتاب.
– ربما ضعف الحالة المادية لدى بعضنا؛ مما يجعل الإنسان لا يستطيع شراء كتاب في مقابل ارتفاع أثمان الكتب وغلاء أسعارها وخاصة الكتب العلمية التخصصية.
– قلة الوعي والتوجيه، وعدم التدرج في قراءة الكتب؛ مما قد يكون السبب في النفور من القراءة والإحساس بعدم الاستفادة من فوائد القراءة.
– افتقار المجتمع إلى الاهتمام بالجانب الثقافي في الأندية الرياضية والفرق الأهلية والاهتمام بالجانب الرياضي فقط
– اهتمام الشباب من الفئتين بالمظاهر الشخصية والموضة والمباهاة في الأمور الحياتية العامة.

هذا ما نراه من وجهة نظرنا من أسباب، ولا ريب أن هناك أسبابا عديدة ربما لم نتطرق إليها، غير أن هذه الأسباب وتلك لا تنفي غياب المسؤولية الفردية من حيث كونها السبب الأكبر في هذا النفور التحصيلي وحالة اللاوعي التي يعيشها بعض الشباب في عصرنا الحاضر نتيجة لما تعيشه المجتمعات البشرية في عصر العولمة.

للموضوع بقية وسوف نتعرف على جوانب أخرى تتعلق بهذا الشأن، مع تقديم بعض الحلول الممكنة من وجهة نظرنا الشخصية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights