رمضانيات اليوم السابع والعشرون: استشعروا عظمة التقوى
خلفان بن ناصر الرواحي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،،،
فيا أحبتي في الله، ونحن على مشارف نهاية شهر رمضان المبارك؛ إذ نسأله سبحانه أن يتقبل منا الصيام والقيام الذي يُحقِّق للعبد المؤمن تقوى الله، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}-[البقرة: 183].
فيا أيها المؤمنون، اتقوا الله، فالتقوى الواجبة هي بفعل الواجبات وترك المحرمات، وقد أمرنا الله بها، فقال ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا}-[الأحزاب: 70] .
فاجعلوا تقوى الله ملازمةً لكم في كل زمانٍ ومكانٍ، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- لأبي ذر: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ)-رواه الترمذي وأحمد.
واعلموا رحمنا الله وإياكم، أن التقوى هي الاجتهاد والمصابرة بزيادة الإيمان والعمل والتقرب بالنوافل وترك المكروهات، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ… الحديث)-رواه البخاري.
واجتهدوا يا أحباب الله المتقين، في القيام بكل عمل يقي من عذاب الله، وخاصة في شهر الصيام؛ فهو وقاية لنا من كل المعاصي والذنوب، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ)-رواه البخاري ومسلم، وقال أيضا: (الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ فَيُشَفَّعَانِ)- رواه أحمد والحاكم. ومن ذلك أيضاً الصدقة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ)- رواه الشيخان.
فاهتمّوا أحباب الله بالصيام، والصدقة، والكلام الطيب، وكل قول وعمل صالح يقرّبكم إلى الله تعالى.
نعم أيها المؤمنون، اتّقوا الله في كل شأنٍ من شئون حياتكم، وقد قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا (70) يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا (71) إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا (72) لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمَۢا (73)}-[الأحزاب:٧٠].
فيا أحباب الله، تزودوا بالتقوى فهو خير الزاد، قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}-[البقرة: ١٩٧]. وراقبوا أنفسكم وراجعوها حتى تصلوا بها إلى تقوى الله تعالى؛ لتنالوا رضاه، واجتهدوا في تحقيق ذلك المراد، واجعلوا تقوى الله نصب أعينكم، وحاسبوا أنفسكم في صيامكم وقيامكم وسائر عبادتكم في هذا الشهر الكريم، واسألوا أنفسكم، هل استفدتم منه في طاعة ربكم، والتوبة إليه، والرجوع إليه، وصلاح قلوبكم، أو ما زلتم تحتاجون إلى مزيد من الصبر والبذل والعطاء؟؛ فإنّ القلب هو مَحطُّ التقوى، فإذا صلَح، صلَح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)- رواه مسلم. وقال أيضاً: (أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)-رواه الشيخان.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. آمين