الصوم سبب الازدهار النفسي
د. سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي
يعيشُ الأفراد حياتهم وهم يبحثون عن التّغيير الذي يسدّ رغباتهم وحاجاتهم النفسية، فالنّمطية والثبات يجعلان من الرتابة نمطًا للشخصية؛ لذا يسعى هؤلاء الأفراد إلى الخروج من الحالة النمطية التقليدية والانسلاخ منها إلى محاولة الانفتاح والتغيير والشعور بمشاعر إيجابية تجاه الحياة، وتحقيق النمو الشخصي.
وهذا ما نود توضيحه فيما يخص موضوعنا الحالي وهو علاقة الصوم بمضمون الازدهار النفسي؛ حيث إيجاد حالة من المشاعر الإيجابية والأداء النفسي الاجتماعي الإيجابي والأمثل، والتفاعل النشط في إطار من التكافل والتكامل، والشعور بأن القيام بمثل هذه الأعمال ذا قيمة ومعنى.
ومن المعلوم أن للصوم فوائد نفسية ومن أهمها الازدهار النفسي، حيث يولد الصوم السلام الداخلي ويعزز من القدرة على التحمل وإعطاء الدافعية؛ لتحقيق التغير للأفضل، وتقوية العلاقات، ولا مفر من الحقيقة، ففي الصوم إعجاز نفسي وعلمي، ولقد تأكد ذلك من خلال الدراسات النفسية التي بينت تأثير الصوم على الخروج من دوامة الصراعات النفسية اليومية وإهدار الطاقة النفسية المشوشة والمبعثرة، وإصدار أوامر للعقل بضرورة التعديل المستمر للحوار الذاتي وغرس الأفكار الإيجابية وإعطاء الفرصة للتفتح النفسي والانخراط في العلاقات الاجتماعية، فإذا ما حقق الصوم هذه الفوائد أصبح الأفراد في مستوى مرتفع من الازدهار والصحة النفسية الإيجابية، وأكثر تأثيرا في مجتمعاتهم، وأكثر إسهاما بأعمال مثمرة تؤدي إلى التمتع بالرفاهية النفسية والوجدانية والاجتماعية.
وبما أن مضمون الصوم هو أداء الفريضة مقترنة بأداء أعمال مرتبطة بها كالصبر والصلاة والأذكار وغيرها، فإن ذلك كله يرتبط بحدوث مضمون الازدهار النفسي، وهو ما يقود إلى تدريب الأفراد على الأداء النفسي والاجتماعي بحب وهدوء وتدبر، حيث ينبثق عن الصوم مكتسبات نفسية ذات تأثيرات إيجابية في خبايا الشخصية والتحليق بها من حالات الضعف والمرض والعيش في حياة مجوفة وخالية من المتعة إلى حالة الخبرات الفعالة وتوظيف القدرات والإمكانيات وتشكيل أفضلها وتعميقها، والحقيقة أن الصوم بما يشتمل عليه من حقائق يحقق في النفس البشرية الازدهار والترعرع والحالة المثالية على كافة المستويات المؤثرة على السلوك البشري.