الصّيام والمرأة في الإسلام
د. سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي
تؤدّي المرأةُ دوراً محورياً في جميع مناحي الحياة، وقد أوْلَى الإسلام المرأة أهمّية كبيرة؛ ووجّهَ برعايتها وعدم قهرها، قال الله تعالى دليلاً على الرفق بالمرأة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ سورة النساء، الآية: 19″. وأوصى بهنّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقال: “رفقا بالقوارير، فما أكرمهن إلا كريم وما أهانهنّ إلا لئيم”. رواه الترمذي وابن ماجه.
وإذا ما تمّ النظر إلى دَور المرأة أثناء فترات الصوم فإنه يفوق الوصف في التضحية، وضرب أروع الأمثال في التفاني، فبالرغم من كونها صائمة وتستنفذ طاقة لا بأس بها؛ فإنها تقوم على خدمة الأهل والأسرة، وتقف ساعات طوال في سبيل إعداد الطعام وتهيئة المنزل، والظروف المناسبة للصوم والإفطار، والشعائر الرمضانية.
إن المرأة كأمٍّ وأختّ وزوجة في حاجة ماسّة إلى الدعم ولو بكلمة طيبة تُحْيي فيها الهمّة وتوقظ الروح وتنعش الجسد، وعلى الزوجين أن يتعاونا؛ بحيث يعاون كلاهما الآخر، وخصوصاً في فترة الصوم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله، يخصف نعله ويخيّط ثوبه ويحلب شاتَه ويخدم نفسه ويعمل في بيته؛ وذلك لأن المرأة تشقى أثناء الصوم أضعاف ما تشقاه في الأيام العادية، وقد يصادف وتكون الأمّ في شهور الحَمل؛ فتزداد المشقّة والتعب؛ وقد تكون حائضاً، ومع ذلك تُسارع في خدمة أهلها وبيتها، بالرغم من أن الشرع قد قدّم لها الرخصة الشرعية من أداء الصلاة والصيام إلا أنها لا تدّخر جهداً في تنظيم وتدبير أمورها المعيشية.
ومن الحكمة الإلهية أنه قد ثبت لدى الاطباء أن المرأة بشكل عام أقدر من الرجل على الصيام، إذ إن مخزون الدهون لديها يساوي ضعف المخزون الدهنيّ لدى الرجل؛ وهو ما يساعدها على الصوم والتحمّل أكثر من الرجل، وعلى الرجال التخفيف عنهنّ؛ كي يستطعن المقاومة والإعانة على الصلاة والقيام وقراءة القرآن خلال الشهر الكريم، وخلاصة القول، فإن المرأة تستحق منا الثناء؛ لِما تقوم به من مهام منزلية خلال فترة الصوم بنفسٍ راضية مطيعة؛ فتستحقّ من الجميع الشكر على العطاء، ووجب لها المساندة والمعاونة والإشفاق بحبٍّ وطواعية.