تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
قصص وروايات

خائنة… ولكن

منال السيد حسن

عبد الله ونوس يقول ” كم مرة هزمتنا الخيانة دون قتال”…

لم يخطر ببالها أبدا أن تخون غيابه .. كانت هذه المرة تبكيه بكاءً مريرا ..  كانت تعض أصابعها من فرط الوجع والحنين ..
لم يخطر ببالها أبدا أن تفكر -ولو مجرد تفكير- في غير سواه.. ولكن تسائلت أيمكن أن يكون التفكير في غيره خيانة؟!
أيمكن لعقلها أن يستوعب فكرة استحواذ آخر على عقلها ولو جزءاً من الوقت؟
كانت هذه المرة خائفة مرتبكة .. لطالما زهقت فكرة تفكيرها في آخر عداه على طوال ٧ سنوات من حضوره المؤقت..
أيعقل لفتاة أن تظل تحب شخصا لا تراه؟
لطالما أقنعها بتبرير غيابه – تلك الفكرة التي لم تقتنع بها أبدا وإن أظهرت له ذلك-

قيل أن القدر يحرك الأمور بالطريقة المناسبة والمسالمة .. ولكن هل يمكن أن يكون القدر شرا؟!
الشر هنا من جنس اللذة والألم والضرر .. الشر هنا يرجع إلى سوء العاقبة .. إلى اللذات التي يعقبها الألم .. الألم الذي اخترنا نحن السير إليه والسير فيه بكامل رغبتنا ووعينا وإرادتنا.

“كم مرة هزمتنا الخيانة دون قتال؟” لا مرة .. لا مرة لم نقاتل فيها .. قاتلنا حتى هُزمنا..
وهُزمنا ونحن نريد الموت كرامةً وشرفا .. -إن ثمن الخطيئة هو الموت- ولكن يبدو أن ثمن الخطيئة قد يكون الترف أحيانا.

ولكن السؤال.. هل يمكن أن يكون ذلك الثمن أكثر فداحة من الموت؟’
الترف الذي يودي بنا إلى طرق لا نرتضيها .. الطرق التي ما إن سرنا فيها لا نعرف كيف الرجوع.. الرجوع الذي صار أشبه بعبء ثقيل قد يصل بنا حد الجنون.

” يا رب وحدك تعلم ظلمات قلبي فأرشدني طريق النور” قالتها وهي ساجدة تائبة عائدة تناجي في الليل غفرانا.

وما إن تجلس وحدها تتسائل “هل تعترف له؟ .. هل من الممكن لرجل أن يغفر خطيئة الخيانة؟” أرجعت يديها خلف رأسها ورأسها للأعلى تفكر .. بكل وجع العالمين تفكر .. قائلة ‘لا يمكن لرجل أن يغفر خيانة من يحب له”.

وجع الشعور أكثر موتا من الشعور ذاته ..

حاولت تبرير فعلتها بينها وبين نفسها .. ولكن لا مبرر أبدا حتى وإن غاب عنها الدهر كله.

جرم كانت تحتقر كل اللواتي مارسن إياه .. حتى فعلته.

خائنة ولكن تحبه .. تحب كل ما هو فيه .. كل ما هو له .. كل ما يؤدي إليه.. كل ما يمكن أن يذكرها به.

وهي ملت غيابه .. ملت ظلمات الليالي وحدها .. ملت سُكناه بالإيجار ..الإيجار  المؤقت الغير مدفوع .. وحدها من تدفع ثمن كل شيء .. ماذا بعد هذه الحال التي وصلت إليها؟!! حُشدت في روحها ملايين الأوجاع .. بوارجٌ من ألم أصابت مقتلا في صدرها.

في كل ليلة من ليالي الحنين .. تُقتل في المرة ألف مرة .. تُقتل من غيابه وتُقتل من خيانتها الأولى له .. تكره ذاتها .. توبخها طوال الوقت .. حجم الألم بداخلها فاق كل شيء .. قررت الانتحار ذات لحظة .. ولكنها صُعقت من فكرة أن تذهب لمكان لا وجود له معها فيه .. تنفست الصعداء.. حتى غطت في سُباتٍ عميق .. وأنا أتأمل حالتها .. كم من البؤس يقتلنا ويغير أطباعنا ويحولنا إلى النقيض.

رحم الله قلوبا أنهكها الألم .. وشفى الله صدور قوم يغلي الوجع داخلها والأنين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights