الأخوة الكشفية ميثاق وفطرة
علي بن مبارك اليعربي
إن الإنسان يولد بمعرفة فطرية عن التوحيد، إضافةً إلى الذكاء، و الإحسان ،وكل الصفات التي تكون معنى الإنسانية وهذه جزء من الفطرة. لهذا يفضل بعض المسلمين أن ينعتوا من اعتنقوا الإسلام بالعائدين بدل المهتدين لأنهم يعودون لحالتهم وسريرتهم الصافية.
لذلك فإن ميثاق الكشفية(قانونها) يصف القيم والمبادي الفطرية للإنسان والتي يحاول من خلالها كل منتسب للحركة الكشفية الارتقاء لتلك المباديء والقيم من أجل أن يصبح عضوا صالحا لذاته ومجتمعه.مع اختلافات طفيفة في صياغة نص القانون من بلد لآخر بين الجمعيات والهيئات والمؤسسات الكشفية يظهر جليا ثبات أهداف و مبادئ الحركة الكشفية والتزام روادها في تلك البلدان بتطبيق روح القانون لذلك أقول: إن الأخوة الكشفية ميثاق وفطرة؛ لأن وعد وقانون الحركة الكشفية ينص على أنها حركة تربوية تطوعية غير سياسية مفتوحة للجميع دون تفرقة في الأصل والجنس والعقيدة. كما وضعها مؤسس الحركة بمبادئها الثلاث والتي ترتكز على الواجبات الثلاث وهي كما يلي : *الواجب *نحو الله* والواجب *نحو الذات* والواجب *نحو الآخرين.* فالحركة الكشفية متاحة للجميع بغض النظر عن كل ما ذكر سابقًا من اختلافات بين الأفراد والمجتمعات من حيث الجنس والعمر والخلفية الثقافية والعقيدة.*فمن رحم الكشافة تولد الأخوة الكشفية العالمية* حيث تفترش أرضية واحدة من القيم والمبادىء محاطة بغلاف الوعد والقانون الكشفي يتم تطبيقه وفق للعادات والتقاليد في كل دولة مع الالتزام التام بالأهداف والمبادىء المنصوص عليها في الهيئات و المنظمات الكشفية العالمية. فما يعد به الفرد عند ترديده للوعد الكشفي يصبح ملزمًا به حيث إن المبدأ العام في الالتزام أنه يجب الوفاء به سواء كان فعلًا أو تركًا في حق الله أو في حق المخلوق أخذًا بالقاعدة التي تقول *(من ألزم نفسه شيئًا ألزمناه إياه).* ولأن الوعد الكشفي هو الوعد في كل بقاع العالم مع اختلاف صيغه. فهذا يعزز الانتماء و الشعور بالوحدة و يجسد الأخوة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. وما الاحتفاء بيوم الأخوة الكشفية العالمية والعربية إلا انعكاسًا حقيقيًا للتنشئة الصحيحة التي سعى إليها رواد الحركة الكشفية العربية والعالمية.
ونحن كمنظمات وجمعيات وهيئات كشفية عربية وإسلامية كنا وما زلنا قيمة مضافة للحركة الكشفية كون قانونها ومبادئها تتفق تمامًا مع ما ينص عليه ديننا الإسلامي الحنيف من اهتمامَ ببناء الروابط، وتقوية العلاقات، ومن بينها رابطة *(الأخوة الإسلامية)،* وهي نعمة من نعم الله تعالى حيث قال :- جل في علاه- مذكرا المسلمين *(فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)* فالتوافق النفسي والاجتماعي تعد نعمة من نعمه العظيمة والتي بلا شك يسعى إليها كل مسلمٍ ومسلمةٍ أخًا وأختًا لك .وهذه من العبادات الجليلة في الدين الإسلامي الحنيف. والأدلة على ذلك كثيرة ففي قوله تعالى مقررًا إياها: (إنما المؤمنون إخوة)، فالأخوة أمرٌ متقرر ومفروغ منه. في عقيدتنا الإسلامية تأكيدًا لقول قال النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم -: *(يا أيها الناس: إن ربكم واحد، و إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي و لا عجمي على عربي، و لا لأحمر على أسود و لا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، ألا هل بلغت ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: فيبلغ الشاهد الغائب.* صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لذلك من الضروري استحضارنا لهذه الصفة لتقوية أواصر المحبة ووشائج الرحمة بيننا. لذلك يرتبط حثٍّنا على الخلقٍ أو نهينا عنه بلفظة (أخ) نأخذها من تعاليم ديننا الحنيف (المسلم أخو المسلم)و (حتى يحب لأخيه) و(إذا أحب أحدُكم أخاه فليعلمه)و (تبسمك في وجه أخيك صدقة)و (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)، و (لا يبع الرجل على بيع أخيه)،
وأختتم مقالي هذا بقول خير البرية محمد عليه الصلاة وأزكى التسليم.
*عن أبي هريرة “رضي الله عنه” قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا -وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»* مسلم (2564).