رمضانيات اليوم السادس: استشعار روحانيات شهر رمضان
خلفان بن ناصر الرواحي
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسول الهدى وعلى آله وأصحابه الكرام أجمعين وبعد،،،
فيا أيها الصائم الكريم، وكما تعلم فإنّ صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو الركن الخامس منها، فاهتمَّ بهذا الركن القويم إيماناً واحتسابا؛ لتتحقَّق لك مغفرة ما تقدم من ذنوب، واغتنم استشعار الروحانيات العظيمة، ولهذا جدير بنا جميعا الاهتمام لتحقيق ذلك أن ندرك ما يلي من روحانيات جليلة يجب استغلالها في هذا الشهر المبارك، وهنا نذكر بعضها:
– يجب يكون أن يكون صومنا لوجه الله تعالى خالصاً إيماناً منا أنّ الله فرض علينا صيام شهر رمضان مصداقاً لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ حيث قال تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] . وقال – صلى الله عليه وسلم: (أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ…الحديث)- رواه احمد والنسائي.
– علينا كذلك أخي الصائم، أن نعلم يقيناً أنّ صيام هذا الشهر المبارك من الأركان الخمسة التي بُنِيَ عليها الإسلام، فكن مصدقاً ومؤمنًا بذلك، عالماً ومدركاً بأهمية الصيام، وبمكانته في هذا الدين الحنيف، وقد جاء عنه – صلى الله عليه وسلم – في حديث ابن عمر – رضي الله عنه، أنه قال: (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ)- رواه الشيخان.
– وتيقّنْ أيها الصائم التقي، أنّ في صومك لشهر رمضان مصلحة لك وحدك؛ لأنّ الذي فرضه هو الله، وهو الذي يعلم ما يصلحُ لخلقه سبحانه؛ حيث يقول تعالى: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير}-[الملك: ١٤].
– واعلم عزيزي الصائم كذلك، أنك إذا صمت هذا الشهر الفضيل؛ فاحتسب ثوابك عند الله، ولا تبحث عن شيءٍ آخر غير ثواب صومك عند ربك، فلا تكن ممن يصوم ونيَِّته بصومه رياء ولا من أجل مصلحة شخصية تتعلق بإنقاص الوزن أو بالحِميَة من الأمراض فقط، أو من أجل التَّداوي من مرضٍ قد أصابه، أو يريد بصومه تخفيف شهوته فقط، ولا يُريد ثوابًا من عند الله. قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أولئك الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}-[هود: ١٥ – ١٦]. فجرِّد نيّتك عزيزي الصائم بصومك أنّك لا تريد إلا وجه الله والدار الآخرة، وأنّك مُمتثلٌ لأمرِ الله وأمر رسوله – صلى الله عليه وسلم – وتقول:”سمعنا وأطعنا”.
– واعلم حق اليقين أخي الصائم، أنه لا يجزي على الصوم إلا الله سبحانه؛ فعليك أن ترتقي بصومك الصحيح أعلى درجات الكمال في العناية، في النيَّة والاحتساب، والبُعد عن كلِّ ما يُؤثرُ في بطلانه أو في ثوابه، وفي كماله، واجعل نصب عينيك دائمًا؛ قوله – صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)-رواه الشيخان.
– واعلم أيها الصائم العزيز، أنك إذا صمت؛ فليكن على نفسك وقلبك أن تبتغي بذلك الصوم إرادة وجه الله وحده، ومُتأمّلاً ما جاء في الأحاديث النبوية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه)-رواه البخاري ومسلم.
– واعلم يقيناً أخي الصائم التقي، أنك إذا حقَّقت صيام شهر رمضان إيمانًا واحتسابا فسوف يتحقّقَ لك غفران ذنوبك المتقدمة بفضل الله ورحمته، وقد قال – صلى الله عليه وسلم – في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)- رواه الشيخان. ولا تنسٓ أن تجتنب كبائر الذنوب وصغائرها، وقد قال – صلى الله عليه وسلم: (…الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ)- رواه مسلم وغيره.
والله الموفق وهو يهدي السبيل.