2024
Adsense
مقالات صحفية

اجعلوا لَهُنَّ نصيبا ..

صالح بن خليفة القرني

نلاحظ في بعض بيوتات المسلمين، وخاصة في هذا الشهر الفضيل -يا للأسف- عدم الإكتراث بالآخرين، بل حتى أقرب الآخرين؛ فهذه الأم، وتلك الأخت، وهذه الزوجة، وتلكم البنت اللواتي يعتكفن في مطابخهن من بعد الظهر وحتى أذان المغرب؛ ليخرجن لنا من الأطايب، ويجتهدن للبحث عن أشهى الأكلات من الكتب والانترنت، ثم يجلس الجميع على مائدة الإفطار وبعد الإنقضاض على ما لذ وطاب تنتظر منهم تلك المعتكفة التي أعدت أصنافاً كثيرة مختلفة كلمة شكر أو عبارة ثناء على ما قدمت، فتمنى بإحباط بعد أن أنتقد هذا الملح وراح ذلك يتأفف لعدم إعداد طبقه المفضل، وبل وحتى الطفل الصغير الذي غضب لأن نوعية الحلوى التي يحبها لم تصنع وصنع ما يحبه أخوه؛ فتشعر تلك المُعِدة للمائدة بأنها تعلف دواب عجماوات، لا بشراً ينبسون، بل حتى لم يكلف أحد من ذكور العائلة الكرام نفسه أن يغسل صحنا.

فهلا طيبنا خواطرهن بكلمة شكر، أليس قدوتنا في ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي لم يعب طعاماً قط؟ فإن أعجبه أكله وإن لم يعجبه تركه، أليس رسولنا الكريم كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمله الرجال في بيوتهم ؟ لماذا أضحى الواحد منا سيداً وأميرا؟ أتراه مجتمعنا الذكوري هو من يملي علينا هذه التصرفات البعيدة عن الدين والأخلاق؟!

قد يقول قائل: هذه مهام المرأة، والرجل يعود من عمله منهك القوى فعمله خارج البيت، وعمل المرأة داخل البيت، وكأنه نسي أو تناسى أن بعض النساء أن لم يكن أغلبهن يعملن خارج المنزل أيضاً. أليس من المروءة أن نشعر بتعبهن وإرهاقهن؟

فمن وجهة نظري، تتحمل المرأة عموماً والأم على وجه الخصوص جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذا الخصوص؛ فتجدها تتعب نهارها طوله دون أن تطلب من أبنائها مساعدتها في أتفه الأمور، فشعارها على الدوام “كل ذلك يهون من أجل عائلتي وأنا أشقى لراحتهم”، وهذا الأمر مرفوض جملةً وتفصيلا، فكيف تريدين من طفلك أن ينشأ رجلاً دون أن يتعلم كيف يتحمل المسؤولية؟! قومي بتعزيزهم عند الإفطار بمثل: “فلان من أعد الطبق الفلاني، وفلان عليه اليوم غسل الصحون، ومن مثل: أنا لو لا فلان وفلان تجدني متعبة جداً، وصدقوني أبوكم هو من أعد كذا وكذا…”.

نعم، لا أعفي النساء من مهامهن، ولكن يزعجني أن أرى الشاب الممتليء صحةً وحيويةً ونشاطا يكبله الكسل ويقع عليه الذباب، فهلا شَمَّر عن ساعده وأعان أمه وأخواته وزوجه وبنته، أو ليست الحياةُ مشاركة؟ فإن لم يستطع أن يشارك بشيء يسير من أعمال المنزل، فلتكن لسانه عذبة حلوة، ووجهه طلق جميل، وخلقه في أهل بيته كأحسن ما يكون. أليس الدين الخلق؟!

فاجعلوا للقوارير من دعائكم،ومن مالكم، ومن وقتكم، ومن اهتمامكم، ومن إطرائكم نصيبا؛ فالموسم موسم تنافس، والفطن من استثمره، فلا تدري بأي حسنة تُعْتَق رقَبَتُك.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights