رمضانيات اليوم الخامس: رفقاً بأئمة المساجد
خلفان بن ناصر الرواحي
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسول الهدى وعلى آله وأصحابه الكرام أجمعين وبعد،،،
فيا أيها الصائمون الأتقياء، ونحن في هذا الشهر الفضيل، نعلم بأنّ أئمة المساجد يجتهدون في الاستعداد لصلاة التراويح، ويجاهدون أنفسهم في مراجعة ما حفظوه من كتاب الله، ويحرصون على تناول القليل من الطعام عند فطرهم؛ وذلك حرصا منهم لأداء الصلاة على أحسن وجه وأكمل حال عند إمامتهم الصلاة.
فرغم أن معظم الأئمة في أغلب المساجد في وطننا الغالي سلطنة عُمان خاصة هم متطوعون، ويجتهدون في إمامة المصلين في هذا الشهر المبارك، فإنهم صامدون ويتحملون كل ما يحتمله إمام المسجد المتمكن، وكلنا يعلم ما يحصل من بعض المأمومين هداهم الله تعالى تجاههم من انتقاد!
ولكي لا تكون أخي المصلي والصائم التقي حِملاً ثقيلاً جديداً يضاف على كاهل هذا الإنسان فوق ما لا يُحتمل؛ فعليك أن تقدّر له أنه يبذل كل جهده، ليقوم بواجبه تجاه ربه أولاً ثم تجاه المصلين الذين تكتظ بهم المساجد في هذا الشهر الفضيل، وأؤكد على أن الغالبية منهم لا يعملون بأجرٍ مادي، ومما لا شك فيه أن تلك أمانة في عنقه أولاً أمام الله سبحانه وتعالى؛ فهو الحسيب والرقيب عليه سبحانه.
ولتعلم أيضا أخي الصائم أن هذا الإمام في شهر رمضان تحديداً، شبه منقطع عن أقاربه ومعارفه، ومتفرغ وحريص على عدم الغياب عن إمامة الناس؛ فهو لا يقبل غالباً بعزائم الإفطار وخاصةً إن كانت بعيدة عن بلده أو المسجد الذي يؤم به الناس، وحتى أنه غالباً حريص على ألا يُتِمّ إفطاره كي لا يكون ذلك سبباً على تثاقله عند إمامة الصلاة؛ فهو يخفف من طعامه وشرابه، سواء كان ذلك في بيته أو خارجه؛ ليتيح مجالاً لأنفاس قراءته عند الإمامة، وربما قد تتحمل كل أسرته ما يتحمله هو، من عدم الاستمتاع بالإفطار معه وقلة الزيارات والولائم.
فهل تدرك أخي الصائم أنّ هذا الإمام يكثِّف مراجعته للقرآن في الشهر الفضيل؛ تجنباً من الوقوع في أخطاء؛ ويكون بقراءته غالباً في قلق شديد؛ لأن بعض المتابعين- هداهم الله تعالى- على أهبة الاستعداد، ولن أقول: “المتتبعين والمتصيدين” لزلة بسيطة؛ ليسقطوه، لاختلافه معهم بأمور ما، ممن لا يُفرِّقون بين الجامع والشارع بعلو أصواتهم ومشاجراتهم، ومنهم من قد يجعل الإمام بلا حفظ؛ إن أخطأ بخواتيم الآيات مثلاً؛ ومنها المشابهة، أو ربما بعضهم يربكه، فلا يترك له فرصة لاسترجاع الآيات قبل رده، وكأنه سيمنح جائزة عظيمة جراء ذلك التصرف!
فهل تدرك عزيزي الصائم ذلك القلق الذي يعيشه ذلك الإمام؟! وهل وأنت تتقبل أن يقول لك أحد ما خطأ واحداً في هيئة صلاتك، قد تكرره منذ سنوات عديدة؟! وكيف تسمح لنفسك أن تنتقد على الإمام، في الإقامة، والتقصير والإطالة، والإسراع والبطء في القراءة؛ فلو تحملت مكانه ليوم واحد، فهل تستطيع أن تكون مكانه؟!
وهنا نقول لكم أيها الصائمون، إنّ ما يزعجنا جميعا هو ما نراه في بعض المساجد، وما يتعرض له الأئمة من عدم تقدير بعض المصلين لمجهوداتهم وصبرهم على تحمل هذه الأمانة.
فيا أيها الصائمون، اتقوا الله وراعوا هؤلاء الأئمة، فإن أكرمكم الله بالمواظبة على الصلاة في المساجد، فلا تتمنَّنوا بصلاتكم على أحد، وخصوصاً الإمام، فأنتم تصلون لأنفسكم تقربا لله، وتذكَّروا دائماً أن صلاتكم دافعها الأجر، وليس كسب السيئات بالإساءة للإمام أو المصلين أو التقليل من شأنهم.
وما مرادنا من هذه الرسالة إلا دعوة لنا جميعاً لمراجعة أنفسنا، فرفقاً بأئمة المساجد، وجزاكم الله كل خير، وغفر لنا ولكم ولأئمة المساجد وللمسلمين أجمعين.
والله ولي التوفيق وهو خير معين.