تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

مؤسسات التمويل الأصغر، وقصر النظر التسويقي.. قصور أم قيود؟!

د. معاذ فرماوي
خبير التمويل الأصغر
‏farmawidba@gmail.com

يعني قصر النظر التسويقي لمؤسسات التمويل الأصغر بشكل مختصر فشل هذه المؤسسات في إدراك نطاق فرص أو هدف أو غرض المؤسسة، حيث تركز إدارة هذه المؤسسات على خدمات الإقراض أكثر من تركيزها علي العميل نفسه؛ وبناءً على هذا الفهم القاصر لا تقوم بتعريف أهدافها بشكل أوسع وأشمل، ولا تتوجه نحو إشباع إحتياجات العملاء.

ولن تستطيع مؤسسة التمويل الأصغر من علاج هذه المشكلة إلا من خلال إعادة تعريف رسالتها وهدفها والمجال الذى تعمل فيه، فبدلاً من أن تُعرف نفسها بأنها تعمل في مجال الإقراض الأصغر يجب أن تتسع رؤيتها لتشمل مجال التمويل الأصغر، أو بشكل أوسع وأدق أنها تسعى لإشباع إحتياجات أصحاب المشاريع الصغيرة، والذى تشمل جميع الخدمات التمويلية الخاصة بذلك من إقراض وإدخار وتحويل أموال وتأمين وتأجير والخدمات الأخرى غير التمويلية؛ كالتدريب والإستشارات وغيرها من الخدمات المرتبطة بذلك، وكذلك تلبية وإشباع ما يستجد على هذه الاحتياجات، وقد يقول قائل أن كثير من الخدمات الأخرى غير الإقراض غير مسموح لمؤسسة التمويل الأصغر بتقديمها ومعظمها تحتاج لتراخيص معينة لا تستطيع مؤسسات التمويل الأصغر الحصول عليها؛ كالإدخار والتأمين مثلا.

وقبل عرض الحلول، هناك سؤال مطروح وهو؛ لماذا هذا القصور فى تقديم الخدمات التي باستطاعة مؤسسات التمويل الأصغر تقديمها، كالتدريب والاستشارات والتي يحتاج إليها عميل التمويل الأصغر بدرجة قد لا تقل عن خدمات الإقراض المقدمة؟

من جانب آخر، فإن وجود هذه القيود المذكورة لا يمنع مطلقاً من تطبيق النظرة الشاملة التي تحدثنا عنها، حيث تدفع هذه النظرة مؤسسات التمويل الأصغر إلى البحث عن بدائل نظامية لتقديم جميع الخدمات التي يحتاجها عملائها وتلبية احتياجاتهم المتنوعة والمتزايدة؛ كأن تكون وسيطاً بين مقدمي هذه الخدمات التي تشبع هذه الاحتياجات وبين عملاء التمويل الأصغر.

ومما يعزز من هذا البديل أن عملاء التمويل الأصغر لهم طبيعة وخصائص معينة تجعل من الصعب على غير مؤسسات التمويل الأصغر فهمها والتعامل معها؛ وهذه ميزة بل عنصر قوة كبير يدفع مقدمي هذه الخدمات أنفسهم إلى السعي لطلب تعاون مؤسسات التمويل في هذا الشأن، واعتبار مؤسسات التمويل الأصغر المنصة الوحيدة القادرة على تقديم خدماتهم وبنجاح لعملاء التمويل الأصغر، وتبقى فقط مشكلة مدى استعداد مؤسسات التمويل الأصغر للقيام بهذه المهمة، حيث سيظل العائق الوحيد هو عدم فهمها لرسالتها وأهدافها تجاه عملائها، ومن الفوائد الهامة التي ستحصل عليها مؤسسات التمويل الأصغر إضافة لتلبية وإشباع احتياجات عملائها أنها ستجني مقابل مجزي نظير هذه الوساطة الناجحة بسبب خبرتها الكبيرة والمتراكمة في التعامل مع هذا النوع من العملاء، مع ضرورة التأكيد على أن نسبة فشل تقديم هذه الخدمات مباشرة من خلال مقدميها بدون وساطة مؤسسات التمويل الأصغر ستكون مرتفعة للطبيعة الخاصة التي يتميز بها هؤلاء العملاء والتي سيفشل مقدمي الخدمة فى التعامل معها أو مجرد فهمها.

وهذا يعني أن على مؤسسات التمويل الأصغر الإنتقال من فهم مهمتها في ضوء التفكير قصير النظر إلى فهم مهمتها في ضوء التوجه التسويقي الحديث والذي يركز على تلبية وإشباع حاجات العملاء وتقديم حلول لهذه الاحتياجات وليس مجرد تقديم خدمات الإقراض، وأن هناك إمكانية لتحقيق ذلك خاصة وأن ذلك سيحقق لها مزايا عديدة من أهمها؛ تعزيز ولاء العملاء، وتقليل نسبة المتسربين منهم، إضافة لزيادة الربحية كنتيجة طبيعة لهاتين الميزتين.

كما أن هناك فوائد بالنسبة للعملاء من تبني مؤسسات التمويل الأصغر لهذا المنهج؛ حيث يمكنهم الحصول على خدمات متنوعة وشاملة تمويلية وغير تمولية تناسب احتياجاتهم ورغباتهم، وتمكنهم من إدارة وتطوير مشاريعهم بشكل أفضل.

وسواء كان قصر النظر التسويقي ناتج عن قصور وعدم فهم مؤسسات التمويل الأصغر للمفهوم الحديث للتسويق، أو ناتج عن وجود قيود تمنعها من تطبيق هذا المفهوم، أو ناتج عن السببين معا؛ فإننا يجب أن نؤكد أن هناك مشكلة كبيرة تواجه هذه المؤسسات، وأن هذه المشكلة ستزيد حدتها وتتفاقم مع زيادة وتطور احتياجات عملاء التمويل الأصغر إن لم تسارع مؤسسات التمويل والجهات المسئولة عن تنظيم السوق بتداركها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights