تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

ليس كلّ ناصِحٍ يُسمَع..

فؤاد البوسعيدي

جميعنا نمرّ في حياتنا اليومية بأحداثٍ قد تكون جميلة فتسعدنا وقد تكون هموم وحالات ضيقٍ وعُسرةٍ فتحزننا، ولكن من الغريب أن يكون ما أصابنا من تجارب واقعية..هي مجرّد دروس وحلقات يومية أو أسبوعية في البرامج المختلفة في الإعلام المرئي والسمعي وكذلك في وسائط التواصل الاجتماعية وتطبيقاتها الكثيرة والمختلفة، فنقدّم فيها نصائح عن تجاربنا الماضية للجميع وكأنّ جميع من سيشاهدنا سوف يناسبهم ما مررنا به.

من غرائب وعجائب البعض من البشر، أنّه كلّما شاهد نفسه وحاله قد أصبح مدمَّراً أو على مقربة من الوحل الذي وقع فيه وأصابه بضيقٍ وحزن أن يقوم بجذب إليه كل ما إستطاعه من أصدقاء وتابعين يعرفهم أو لا يعرفهم إلى حيث يذهب..بمعنى لا بأس إن يعيش غيري معي في نفس الحفرة التي سأقع أو وقعت فيها، وبمبدأ إن غرقت فليغرق الجميع مع غرقي.

بكلّ آسفٍ أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك الإعلام المرئي والسمعي هي المؤثرة علينا وصاحبة اليد الطّولى والعالية هذه الأيام في معظم ما نراه من أسس وأخلاقياتٍ اجتماعية جديدة لم تكن متواجدة من قبل، هذه الوسائل شئنا أم أبينا أصبحت في الطّليعة تتقمّص دور الرائد والموجّه الذي منه نبادر إلى شغفٍ جديدٍ لنا وهي الضوء الذي يقودنا إلى حيث يوجد المجهول سلباً وإيجاباً.

أمرُّ بين الحين والحين إلى صفحات وقصص البعض في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي فأقرأ منها كلمات وسطور وإن صحّ التعبير (نصائح) من أولئك الملهمين الإجتماعيين حيث يقومون بكتابتها ونشرها وتقديمها مجاناً إلى متابعينَهم بتلك المحافل التواصلية المنتشرة بكثرة، وللأسف البعض من المتابعين أصبحوا عميانا ًفي تفكيرهم وليس في أعينهم ومسامعهم التي تقرأ وتشاهد وتسمع ما يُلقى عليها بكلّ تركيز وكأنها تجلس في فصولٍ دراسية مجّانية فتفقدهم سحر تلك الكلمات والإرشادات والنصائح عقولهم، فيقومون بتقبل كلّ ذلك دون تفكير إن كان ما بها هو الصواب أم هو بداية الخراب والدِّمار في حياتهم.

البعض من هؤلاء الناصحين يقومون بذلك بحسن نيّة تقديم النصيحة الواجبة حسب تفكيره أو تفكيرها لأخيه أو أخته، صديقه أو صديقته، وربما إلى بقيّة المجتمع بأكمله..، وطبعاً يقوم بذلك دون أن يأخذ في الإعتبار وجود الفروقات التى قامت عليها أو تقوم عليها حياة ومعيشة كلّ فردٍ والمختلفة عن حياته أو حياتها.

من الأمور التي تدعو للإستغراب في هذه الأيّام أن نرى الكثير من السوشال ميديا (الملهمون حسب ما يعرّفون به أنفسهم) وقد تحوّلوا في ليلةٍ وضحاها إلى أصحاب خبرةٍ وشهادات في علم النفس والإجتماع، تحوّلوا إلى أصحابٍ لمنصّات إعلامية يتابعها الكثيرين من الناس بشغف حيث يقومون فيها بتقديم الإستشارات المجّانية للجميع وكأنهم أصحاب بحثٍ وتقصٍّ في العلوم الأسرية والإجتماعية.

قد يعتقد البعض منكم بأنني أدعو لعدم الأخذ بنصيحة ومشورة هذا أو ذاك من أصحاب الصفحات الإجتماعية، أبداً لا أدعو إلى ذلك، وإنما فقط أطلب من المتلقي سواءً أكان قارئاً أو مستمعاً أي مشاهداً بأن لا يغيّب عقله مع أي نصيحة أو جملة تقال هنا وهناك..لأنك في النهاية ستتحمل عواقب ذلك بنفسك عندما تربط قرارك بكلمة سمعتها من طرف لا يعلم شيئاً عنك وأنت أيضاً قد لا تعلم عنه شيئاً غير ظهوره أو ظهورها المتكرر في تلك المواقع متحدثاً بصورة مباشرة أو غير مباشرة حول يومياته ومشاكله والأسلوب الذي اتبعه ليحلها سواءً أكان ذلك يليق بك أم لا يليق، فليس كلّ ناصِحٍ يُسمَع.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights