ستظل حِصنَ الصمود يا وطني…
خلفان بن ناصر الرواحي
نعم، ستظلين شامخة مهما كانت الظروف التي تحيط بك، وكما عهدناك ستظلين قلعة الصمود الراسخة في جذور التاريخ الماضي والحاضر والمستقبل بحول الله تعالى، وحكمتك في التصرف في الأمور المختلفة ستظل مدرسة يتعلم منها الصغير والكبير، القريب والبعيد، المواطن المخلص، والعاقل المستقرئ لحقيقة التاريخ ولتفاصيل الحياة…
هكذا عهدناك منذ أن بدأنا نحبو على ترابك الطاهر، وحتى ما قبل ذلك من عزوتك التي لا تنسى، رغم قسوة الأيام، ورغم كيد المغرضين الحاقدين؛ فالتاريخ خير شاهد ويحكي بنفسه تفاصيل مكانتك وسمو قدرك وهيبتك.
نعم، إنها سلطنة عُمان، بلد السلاطين والأئمة، ونبلاء النخوة والشهامة، وقادة الفتوحات الإسلامية، وأسياد عباب البحار، ونوابغ العلم والعلماء والنبلاء والحكماء، هي من يحكي التاريخ عنها دون الحاجة إلى أبواق المتشدقين بالحضارات المزيفة، والباحثين عن مكانة ليس لهم فيها معرفة بتة في ظل الخنوع والرضوخ لإملاءات أسيادهم أو من يسيّس لهم زراعة الفتنة، فسلطنة عُمان هي حضارة عظيمة منذ القدم، وتاريخها العظيم المدون في مجلدات كثيرة هو من يدافع عنها دون الحاجة إلى إملاءات الآخرين، والاستعمار الفكري الممنهج الذي ينتهج سياسة الانفتاح المزيف للبحث عن كينونة لعلها تشفع لمن يتشدقون بنسف الحقائق وتزويرها على حساب الحصول على مكانة مرموقة ليحسبون ضمن الباحثين وهم من ذلك خواء!
نحن في غنى عن التلاسن، ونحن في غنى عن الفتن، ونحن أبناء الحضارة والتاريخ والحق والإنسانية النبيلة في غنى عن التعريف بأنفسنا من نكون، ولسنا بحاجة لمن يملي علينا ما نريد أن نفعله أو نقوله، ولا نحتاج من يدافع عنا لنثبت وندحض الأبواق المنبطحة لخذلان الدراهم التي تجنيها من حصائد ما تكتبه أو ما تقوله في وسائل التواصل الاجتماعي، فسلطنة عُمان تظل الحصن الشامخ، ونحن أمة عرفت التاريخ وتربت على الأرض الطّيبة التي لا تدنسها أفواه المتثيقفين والجاهلين والعابثين بحقائق الدين والأخلاق والتاريخ.
وهنا نقول لأمثال هؤلاء الذين يظهرون بين الفينة والأخرى، ويقولون ما لا يفقهون؛ كفاكم كذباً وطمساً للحقائق التي هي في حقيقتها ثابتة في الأصل والفرع، ومن يجهل ذلك فليصمت أشرف له من أن يتفوه على نفسه قبل ذلك أولاً وقبل أن ينشر سمومه للآخرين، أو ينصبّ نفسه عالماً في الدين، أو كاتباً أو باحثاً في التاريخ والسياسة ويعلنها زيفًا وجهلا، وليمحص في جذور التاريخ ومنابع كنوز المعرفة، ويحترم القلم الذي شرّفه الله تعالى في كتابه الكريم، وليقل خيراً أو ليصمت؛ فالقلم منهم براء كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، ومن أراد أن يصنع لنفسه شهرةً أو تاريخاً فذلك حقٌ ومشروع له، ولكن عليه أن يذكر أفضال العلماء، ويحترم تاريخ الدول، ويحترم مشاعر الشعوب التي تنتمي إليها بلاده وسلطنة عُمان، ويعرف مدى أهمية ذلك في علاقة الجوار والرحم وجذور الأصل الذي ينتمي إليه أجداده.
فهكذا ستظل حِصنَ الصمود يا وطني ضد كل حاقد، وسيظل تاريخك راسخا ونهجك واضحا، وستبقى نموذجاً يحتذى به في لم شمل الأمة الإسلامية بعيداً عن نعرات الطائفية والمذهبية المقيتة.
حفظ الله سلطنة عُمان قيادة وشعبا، وحفظ الله علاقات الجوار والرحم بين الشعوب الإسلامية والعربية كافة، وكفانا شر المتربصين الحاقدين أبناء المال، والمنفذين بالإنابة عن أسيادهم نشر بذور الفتنة، والقدح في العلماء، وتزييف تاريخ الأمم.