بدرية بنت مبارك البطاشية
العام الرابع على التوالي، ذكريات الحزن الذي خيّم علينا قبل أربع سنوات، حزن عميق،
وقلوب متعَبة،
ودموعٌ سالت على الوجنات التي أرهقها الأسى.
كُلما مرّ علينا يناير، تعود بنا ذكرياتنا للوراء.
إن سنة 2020 كانت من أصعب الأرقام علينا نحن العمانيون، بل تقاسمنا مع أشقائنا العرب، ليخيّم الحزن خارج السلطنة في جميع أنحاء العالم.
حزنٌ كسر ضلوعنا، يمرّ العام سريعاً ويأتي يناير الحزين،
كأنه بالأمس فجراً في الساعة الرابعة يأتينا خبر وفاته كالصاعقة، لا ندري، أنصدّق أَمْ نكذّب الخبر المُفجع.
كانت أمي في زيارة لبيتي،
فقد عاصرتْ فترة حكم السلطان قابوس طيّب الله ثراه، وعرفتْ كل شيء،
وشاهدتْ كل شي بأمّ عينها،
من الظلام إلى النور، كل شيء تغيّر للأفضل، كانت تخبرني كيف كانوا في زمن سعيد بن تيمور، وكيف صار الاختلاف في عهد السلطان قابوس.
استيقظتْ أمي من نومها على خبر وفاة صاحب الجلالة،
حضنتُها وهمستُ في أذنها: ماتً أبانا وملهمنا ومربّينا قابوس رحمة الله عليه،
كنتُ أنا قد عرفت قبلها بأنه ابتعد عنّا وللأبد، بكيتُ كثيراً،
جاءت ابنتي الصغيرة
واقتربت مني وسألتني:
لماذا تحبونه كل هذا الحب؟
لم أستطع الجواب في ذاك الوقت، ولكني أخبرتها كل شي لاحقاً، أخبرتها من هو هذا القائد الفذّ، هو من صنع لنا أشياء كانت لنا أشبه بالمستحيل.
هو من قال في بداية تولّي حكمه:
أتحدث إليكم كسلطان مسقط وعُمان، بعد أن خلفتُ والدي يوم 18 جمادى الأولى 1390 هـ الموافق 23 يوليو 1970م.
أيها الشعب:
سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشوا سُّعَدَاء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب.
كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة، وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى، وسيكون لنا المحلّ المرموق في العالم العربي، إني متخّذ الخطوات القانونية لتلقّي الاعتراف من الدول الخارجية الصديقة، وإني أتطلّع إلى التأييد العاجل والتعاون الودّي مع جميع الشعوب، وخصوصاً جيراننا، وأن يَكُون مفعوله لزمن طويل، والتشاور فيما بيننا لمستقبل منطقتنا.
كتبتُ مقالي هذا في الساعة الثانية عشر وأنا في طريقي ليلاً، وأنا أرى النور الذي في طرقات عمان من السبعين حتى تمم السلطان هيثم حفظه الله المسير ليجعل البلد في سعادة وهناء.
تغير التاريخ إلى ١٠ يناير،
مسحتُ دمعاتي التي تذكرت بها الماضي، وأخذت أنفاسي لأتأمل خطى السلطان هيثم حفظه الله ورعاه، مستبشرين بكَ خيراً يا سيدي.
