2024
Adsense
مقالات صحفية

الأديان غير الإسلامية وأهمية التعايش والحوار معها (ماليزيا نموذجا)

د. علي ساجد
جامعة ملايا – ماليزيا

تبرز أهمية التعايش والحوار بين الأديان. فقد حرصت الأديان السماوية قاطبة على احترام وتقبل الآخر وكان العرب في ذلك الوقت في منأى عن التدين السماوي، حتى جاءت الرسالة العامة للبشرية فأخرج الله الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة الله والإيمان به وحده. وتكمن مشكلة الدراسة في بيان وضع القرآن الكريم لمنظومة من القواعد الواضحة في التّعايش بين الأديان في الإسلام؛ لحفظ المجتمعات البشرية وإبعاد الفتن الطائفية وقد أُجريت، تم تطبيق استبانة التعايش السلمي على عينة عشوائية طبقية مكونة من 205 طالبٍ وطالبةٍ في كلية التربية/جامعة ملايا. أظهرت نتائج الدراسة أن تصورات المشاركين حول محاور الاستبانة، لا تختلف باختلاف الجنس، والديانة، والعرق، وأن ماليزيا تظل مضرب الأمثال في العصر الحديث في تحقيق نموذجٍ رائعٍ من التعايش والحوار مع الدين الآخر.

ماليزيا والقوانين المساهمة في التعايش الديني والوحدة الوطنية:

للحفاظ على الوحدة الوطنية بين الأعراق والطوائف والديانات في مملكة ماليزيا، نظمت المؤسسات المعنية في مملكة ماليزيا بعض القوانين واللوائح لذلك؛ ومن هذه القوانيين ما يلي:
السماح لجميع الطوائف والأديان بممارسة طقوسها وعاداتها بكل حرية واحترام، فتجد المعابد الهندية والصينية والكنائس منتشرة عبر الأحياء والمدن إلى جانب المساجد والمصليات، فلا يشعر المسلم بالحرج وهو يشاهد غير المسلم يمارس طقوسه وعبادته في معبده، كما يحترم الكتابي والوثني مساجد المسلمين وعبادتهم.

ويتم كذلك إقامة حوارات ونقاشات حول الأديان على مختلف المستويات، خاصة على مستوى المراكز العلمية كالجامعات حتى يتم التعرف على خصائص وفلسفة كل دين، فيتعرف الكل على وجهات نظر الطرف الآخر دون تعصب أو ضيق نظر.

أما بالنسبة بالأعياد الرسمية للدولة؛ فإنها تضم المناسبات الدينية للمسلمين والصينيين والهنود على قدم المساواة، إذ تعتبر رأس السنة الميلادية للصينيين عيداً رسمياً للدولة وتتعطل فيها المصالح الإدارية شأنها في ذلك شأن عيد الفطر أو الأضحى دون أي تمييز، ونفس الكلام يقال عن المناسبة الدينية للهنود التي تسمى “ديبافالي”، فيشعر الكل أن له نصيبا في هذا البلد وهو على قدم المساواة مع الجنس الآخر.

سياسة البيت المفتوح:

خلال هذه المناسبات التي ذكرناها هناك عادة وتقاليد تصب في التعايش الأخوي بين الأجناس المختلفة يسمى “البيت المفتوح”؛ وهي عادة ملاوية تبدأ مع عيد الفطر وتستمر إلى عيد الأضحى حيث يفتح المسلمون أبواب بيوتهم لاستقبال التهاني وتقديم أنواع المأكولات والمشروبات والهدايا، ولا يختص البيت المفتوح بالمسلمين من الملايو فقط؛ بل غير المسلمين يزورون أصدقائهم وإخوانهم من العرق الملايو، وبسبب هذه العادة تأثرت بقية الأجناس بهذه العادة الطيبة؛ فخلال عيد الصينيين والهنود يفتح هؤلاء المحتفلون أبواب منازلهم للمسلمين فيستقبلونهم ويقدمون لهم أنواعاً كثيرة من الطعام والحلوى، ويحرصون على أن تكون حلالاً حتى لا يتحرج المسلم من تناولها(علي الشيمي، بدون تاريخ).

ومن المعلوم أن في ماليزيا مؤسسة تحت رعاية الدولة تمنح شهادة “حلال ” للمنتجات التي لا تحتوي على محرم في تركيبها، وبهذا التواصل والتزاور تتقوى الروابط وتتوثق العلاقات، بل وحتى الحكام والسلاطين يقيمون هذه العادة الحسنة – ومنهم رئيس الوزراء- فيفتحون أبواب قصورهم لاستقبال الناس وتبادل التهاني في مختلف المناسبات الدينية للشعب الماليزي.

إذاً فالشعب الماليزي استطاع أن يحقق الانسجام والتعايش بين مختلف الأجناس، فغدا ميزة يتميز بها؛ مما جعله مَضْرَبُ المثل بين الشعوب والأمم (محمد بن صالح حمدي، 2012)، وجسَّد دستور القرآن العظيم: ﴿يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا-[الحجرات: 13].

فدولة ماليزيا نموذج متميز في التعايش السلمي بين الأديان يجب على المجتمعات العربية والإسلامية الاستفادة منها في تجربتها الفريدة؛ لتصبح متقدمة بين الأمم بأخلاقها وتسامحها وثقافتها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights