قصيدة: أبي
خلفان بن ناصر الرواحي
أبي ذاك الهمام..
الذي رباني..
وعلمني الصبرْ
خاض الحياة تجارب
ولم يكن متواكلًا..
عن الكفاح حتى ظفرْ
سافر لما وراء البحار..
وعاش بغربةٍ وصابر..
على ذاك القدرْ
من أجلنا خاض الصعاب..
لكي تقرّ عيونهُ..
ليرى حياتنا..
هناءً.. تستقرْ
فغُضَّ طرفًا يا أبي..
عن أي تقصير بدرْ
فها أنا أدعو خالقي وأنحني له متوسلاً..
بعدد حبات المطرْ
وأرتجيه عفوا..
ورحماتٍ منه يوم الحشرْ
فأنت الذي علمتني..
يا أبي.. معنى الحياة..
وكيف الصبرْ
اليوم أصبحتَ.. يا أبي
تحتضِنُ التُّرابَ..
وتعيش وحدك..
في القبرْ
فرحماك ربي بأبي..
أسكنهُ خير المستقرْ
أتذكرك يا أبي..
عند الصّباح
وعند المساء
وعند السحرْ
وفي كل لحظةٍ..
أراك بمخيلتي
وعندما ينهمر المطرْ
فكم كنت لنا..
من تضحياتْ!
وكم حدثتنا..
عن معنى السَّفَر..
عن هذا الوطنْ
تشرّبت بفكرك..
يا أبي
ولقد أشعلَ التذكار..
عندي وهجًا أستنيرْ
وتذكرتُ لمحاتك..
في صفحاتِ الدهرْ
فكم كنت..
فِيها يا أبي من قديمٍ..
عاشقًا للأرضِ..
ومعولًا يحرثُ الأرضَ..
ولم تعرِفِ الضجرْ!
وكم كنت عاشق الأشجارِ..
وجسمك يندفُ الندى
ويداك تورقُ..
مع غلات الشجرْ!
آهٍ.. ثمّ آهٍ
يا أبي..
لقد رأيتك في الخيال..
فَبَكى الأفق البعيد
وتمازجت أفراحي..
وأحزاني
ولم أقوَ على التمييز..
وعجزت أقلامي..
وذاتي عن التّعبيرْ
لقد كنت يا أبي..
معلمي وقدوتي
وكنت لنا في البيتِ مدرسةْ
وهيبةً، وقدوةً، وعظمةْ
فكيف لي أن أجحدكْ!
وكيف لي أن لا أذكركْ!
فطب يا أبي..
في جنةِ النعيمِ..
ورحمةً من ربنا الكريمِ..
فهي خيرُ مقرٍ..
عند مليكٍ مقتدرْ