مقال : سدرة الظاهر.. وقد أتعبها الجفاء
مهنا بن صالح اللمكي
قبل أربعين عام وفي صبيحة يوم التاسع من ذي الحجة،وبالتحديد في قرية الظاهربالرستاق إليكم المشهد التالي :
بين بيت الظاهر الأثري ويسمى بيت العود ومسجد الظاهر مجرى ماء الأمطار ( الشرجة) وبه عدد من الأشجار الكبيرة السدر والتمر الهندي ( الصبار) ومنذ الصباح الباكر يجتمع الرجال والأطفال تحت ظلال هذه الأشجار بما يسمى بعادة الوقف في ذاك الزمان وتبداء فعاليات يوم الوقف بالذبح وطبخ الأرز وحلاقة الرأس للكبار والصغار وتم تخصيص قدر للطبخ في ذالك اليوم تسمى بصفرية الوقف لا تزال موجودة في بيت العود إلى يومنا هذا ويشترك أهالي المناطق المجاورة في هذه الفعاليات الأجتماعية حيث كان عدد الناس قليل مقارنة باليوم وتتآلف القلوب ويتم توزيع الطعام على جميع المحتاجين وأسرهم وفي الجانب الآخر أي النساء في المنازل هناك هناك فعاليات أخرى لا تقل عطاء عن الوقف فتقوم النساء بتنظيف الطرق القريبه من منازلهن ورشها بالماء لتصبح سالكة للمارة وفي هذا أجر عظيم وكذالك يقمن بالأستعداد بتجهيز متطلبات العيد مثل الثوم وبزار الشواء. والأطفال يجهزون المدافع الصغيرة .
وقبل نهاية المساء يستعد مؤذن مسجد الظاهر العم سويلم رحمه الله ليرسل تكبيراته معلناً نهاية يوم حافل بالحب والعطاء .
واليوم تتسائل سدرة الظاهر هي ورفيقاتها عن رجال وأطفال كانو هنا يملؤون المكان وتتماهى ذكرياتهم تحت الجذور والأحجار ولكنها إستدارة الزمان ومعالم الحياة المادية بيننا تغيرت كثيراً وصار تحديث في نمط الحياة.
ولكن ليس هذا هو الفرق بين الحياة الأجتماعية قديماً وحديثاً إنما الفرق يبدو أكثر عمقا وألما فكثير ممن كانو كباراً قد رحلوا لم نعد نراهم بيننا وفي الواقع ومن المبكي أنهم رحلوا ورحلت معهم القيم الجميلة ومنها عادة الوقف وكأنهم أخذوها معهم تحت التراب .
بقي العديد من هم مخضرمين ليعيشوا تغير الحياة ولكن لم تعد تلك الحياة التي كنا نراها ويراها آبائنا ولا تزال عالقة في ذاكرتنا. فتبدد كل جميل ومعها تقلبت القلوب ولم تعد كالسابق.
ولم تفلح وسائل التواصل الأجتماعي في مؤالفة القلوب من جديد فحتى على مستوى الأهل والأصحاب يجتمعون ولكن قلوبهم شتى.
وأظن من باب الأعتقاد لا أكثر أننا كنا في تلك السنوات من العمر أكثر حماسة للحياة من حولنا وصبرنا على أوجاعها لا يقاس بما هو عليه الآن لم نكن نشتكي أو نتذمر من الظروف الصعبة .
لا هاتف يسلينا ولا واتساب يلهينا وليس هناك ما نتغلب فيه على ثقل الوقت سوى الأنطلاق إلى أجنحة الحياة ومفردات الطبيعة أكثر.