سلمى .. تحكي قصة واقعية حدثت بولاية مرباط
كتبت – ريحاب أبو زيد
شهد مسرح اوبار بصلالة مساء أمس الأول العرض المسرحي سلمى لفرقة مرباط الأهلية المسرحية، وذلك ضمن مهرجان ظفار المسرحي الذي تنظمه المديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب بمحافظة ظفار، المسرحية تأليف الكاتب المسرحي نعيم فتح ، و اخراج محمد دريبي العمري وتمثيل الفنان العاص المشيخي وأمل النويرية ،وعبدالله المردوف ، وبشرى مغراب وأيمن عبد الشريف ، وعمر البلوشي ، كوكبة من شباب المسرح. شهد العرض حضورًا كبيرًا من فناني المسرح والكتاب والأدباء بالمحافظة ،وخارجها والعديد من الجمهور.
العرض المسرحي “سلمى” تدور أحداثه حول انتشار مرض الجدري بولاية مرباط منذ أكثر من خمسين عامٍ حيث قضى على أكثر أبناء القرية كما تطرق إلى الظلم الذي يتعرض له بعض أبناء القرية من شيخ القبيلة ، من خلال سلمى التي توفى خطيبها وأراد شيخ القبيلة تزويجها ابنه دون إرادتها ، ولكنها تقف أمام ظلمه ، وترفض الزواج وتتزوج ابن خالها .
عقب العرض المسرحي أقيمت الندوة التطبيقية الخاصة بالعرض والتي أدارها الناقد المسرحي عادل فضل البلوشي بحضور المؤلف نعيم فتح والمخرج محمد دريبي المسرحية الذي قدم السيرة الفنية لهما ، ثم عقب على العرض المسرحي قائلاً : يقوم المؤلف بإعطاء نصه المسرحي لمخرج آخر ، وهذا الأمر يضيف للعرض رؤية أخرى اختلفت فيها الشخوص ،و الأدوار، و الحوارات ، وحقيقة أننا أمام عرضًا مسرحياً لم يشبه النص الذي قرأته ، وهذا في طبيعة الحال امرًا مثرياً ، وإيجابياً ،هذا العرض المسرحي يضعنا أمام جدلية فلسفية من جدليات الحياة ، وهي أن النعمة لا تكتمل ولا تدوم لأحد؛ فالشيخ سالم رغم كثرة أمواله ،ونفوذه ابتلى بابنه سالم الذي أصيب بتأخر عقلي ، وسلمي رغم جمالها ألا إنها عاشت تعيسة ، ومسلم ابن خال سلمي رغم نقاء قلبه لم يعيش حبه النقي مع سلمى إلا في أخر حياته .
ومن هنا يقول لنا الكاتب : أن السعادة الحقيقة في الرضا و القناعة ، ولقد تنوعت السمات في هذا العرض وتعددت فتجسدت أمام أعيننا صفاتٍ بشريةٍ عجيبةٍ ،مثل التعالي ، و الطمع ، و المكر والخديعة ، والكره والحقد والحسد والجهل ، وتجسد أيضًا الوفاء وسمة أخرى تقول لنا أن في الحياه فرصة لا تترك ، كفرصة سلمي عندما تركت إقبال مسلم عليها بحبه نادمةً بعد فوات الأوان ،وكأن لسان حال الأرض يقول لا تتركوا اللحظات الجميلة مع من يحبكم ، وتحبونه بسبب خلافات الحياة ،أما القيمة الأعمق والأكثر نبلاً كانت قيمة الحب الذي حمله مسلم لسلمي رغم جفائها ،و صدها له فحبها حتي الممات ، كل ذلك جاء في قالب من الدراما الإنسانية المعبرة ، والقريبة إلى النفس مع مزيدًا من ألوان الطرب و الفن الشعبي التراثي الخاص بولاية مرباط . البداية كانت موفقة ، وتصاعدت الأحداث ووصلت إلى ذروتها مع انتشار المرض القادم من مجال مجهول لم يود المخرج أن يذكره ، ليقودنا نحو منعطف جديد في المسرحية ، أما الصراع فإنه لم يبدو جميلاً بين طرفين في حد ذاتهم بل كان يحركه أهواء ورغبات شخصيات متعددة فوجدناه مرة بين سلمى وذاتها ، ثم سلمى وزوجة عمها فاطمة وصراع أهل القرية من أجل غريزة البقاء مع كل هذه التنقلات في الصراع جاءت النهاية لتعطي كل ذي حق حقه ، مع الجانب المؤلم لنهاية مسلم لأنه هو الاجدر بحب سلمى .
وعن قصة سلمى قال المؤلف نعيم فتح: سلمى قصة حقيقية حدثت في ولاية مرباط قبل أكثر من ستين عام حيث انتشر مرض الطاعون ،وتوفى على أثره الكثير وحتي هذه الساعة لاتزال القبور المدفون داخلها هؤلاء موجودة ، وقبل كتابتي للقصة جلست مع بعضا ًمن كبار السن بالولاية ، وحاولت أن أعرف بعض الخفايا الاشياء التي حدثت في الواقع وهي قصة مأساوية جدًا. حيث انتشار المرض في ذلك الوقت ولا يوجد له علاج فقضى عدد كبير من الناس ، وفي العرض أغلب المشاهدين قالوا أن القصة كانت مختصرة ؛ ولكن هذه رؤية المخرج فإذا عدنا إلى تحليل الناقد عادل البلوشي اليوم نجد أن النص الأصلي كثير الأحداث فيه صراعات وشخصيات كثيرة فالمخرج له رؤية فنية في اختصار الأحداث ، لضيق الوقت فمثلاً هناك بعض الشخصيات لم تظهر بالعمل ، منها والد سلمي ، وكذلك مسلم الشاب العاشق كانت له مساحة كبيرة ، فالكاتب عندما يسلم النص للمخرج يصبح هو قائد السفينة ، سواء يحذف أو يضيف ، وأكثر المشاهدين اليوم أثنوا على العرض لأن وصلتهم الفكرة .
أما المخرج محمد عبدالله دريبي قال: للعام الثاني على التالي أشارك بعرض مسرحي بمهرجان ظفار ، وحاولت فرقة مرباط هذا العام أن تقدم عرضاً تراثياً من خلال قصة واقعية حدثت في ولاية مرباط في الاربعينات والخمسينات ، وحقيقة برغم ضيق الوقت ، لكن أعضاء الفرقة قدموا اليوم عرضًا رائعاً ولهم جميعا الشكر والتقدير وأقول لهم القادم أجمل.