الوطن مسؤولية ووفاء
عمر بن صالح المجيني
إن من مجالات التقوى ومبادئها أداء حقوق الوطن وخدمة أرض النشأة والسكن. فللوطن في الإسلام شأن عظيم، والتفريط في حقه خطر جسيم، الوطن نعمة من الله، لا يُقدّر بثمن ولا يساوَم بالأرواح، بل تُبذل الأموال لأجله، وترخص الأرواح في سبيل وحدته والدفاع عنه. الوطن كلمة صغيرة في مبناها، عظيمة في معناها، فالنفس البشرية فُطرت على حبّ ما ترعرعت فيه من البلاد، به تعلقت مشاعرهم، وإليه تشربت نفوسهم، وفيه تعأس قلوبهم، فمحبة الوطن من الإيمان، ولها صور عديدة منها:
حب الوطن بالسلوكيات والأفعال السليمة مع الالتزام بالقيَم والمبادئ الحسنة.
ومن محبته التضحية لأجله والدفاع عنه وإيثاره وتقديمه على المصلحة الفردية.
ومن محبته مواجهة أيّ أمر يؤدي إلى زعزعة أمن واستقرار وسلامة الوطن. ومن محبته المساهمة الإيجابية بالقول والفعل والفكر أو غير ذلك من الوسائل الممكنة في خدمة الوطن، وهذا واجب على كل فرد لأنه يحقق المصلحة العامة.
ومن محبته محاربة الفساد، فإنه دمار للديار وهلاك لأهل البلاد.
ومن محبة الوطن تربية الجيل الناشئ على تقدير خيرات الوطن ومقدّراته والمحافظة على مرافقه.
ومن محبته إدراك شعور كل فرد بأفضال الوطن عليه، وتربيته على واجب ردّها من باب مقابلة الإحسان بالإحسان وتلك من تعاليم الدين.
فمحبة الوطن ليست كلمات نرددها ولا مشاعر نعبر عنها، ولا صفحات نكتبها، إنما حب الوطن سلوك وأفعال يجب أن نقوم بها لنثبت انتماءنا وولاءنا الحقيقي لهذا الوطن.
إن من صور محبة الوطن احترام الشخصيات النبيلة التي كان لها دور عظيم في بناء وطننا الغالي عمان، ونشر محامدهم، فإنهم سهروا على راحتنا وجادوا بأنفسهم وأموالهم وجهودهم لرفعتنا، فمن الوفاء لهم وأداء الواجب لحقهم إبراز مآثرهم وإشهار إنجازاتهم.
إن تكريم الرموز الوطنية التي بذلت حياتها في خدمة الوطن وأخلصت في إيضاح طُرق الرقيّ لسكانها يكون باقتفاء آثارهم والحرص على تنشئة الأجيال بنهجهم ومسارهم، فهذا هو الوفاء لأصحاب الصفات النبيلة والأداء الحقيقي لذوي الأعمال الجليلة، ألَا وإن من أعظم المكتسبات وأهم المنجزات في هذا الوطن الطيّب هي الأمن والسلام والوحدة والوئام.
إن من الوفاء لهذا الوطن الغالي الوقوف بحزم وصرامة في وجه الأفكار الدخيلة ومروّجيها والتصدّي للثقافة السقيمة وناشريها.
فصونوا منجزاتكم وحافظوا على لُحمة بنائكم، شمّروا سواعدكم للرقيّ بوطنكم يبارك الله في سعيكم وأعمالكم.
نسال الله أن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين، ونسأله أن يغفر ويرحم مؤسس نهضة عمان الحديثة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه.
كما نسأله أن يمدّ سلطاننا هيثم بعونه وقوته وأن يمتعه بالصحة والعافية والعمر المديد، وأن يوفقه لكل ما فيه مصلحة البلاد والعباد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.